أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ؛ لِأَنَّهَا أَطْوَلُ الْعِدَّتَيْنِ فِي حَقِّهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْقُرُوءِ، فَعِدَّتُهَا أَطْوَلُ الْأَجَلَيْنِ، مِنْ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ بِيَقِينٍ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُخْتَارَةً أَوْ مُفَارِقَةً، وَعِدَّةُ الْمُخْتَارَةِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَعِدَّةُ الْمُفَارِقَةِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، فَأَوْجَبْنَا أَطْوَلَهُمَا، لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ بِيَقِينِ، كَمَا قُلْنَا فِي مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ، لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا: عَلَيْهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَأَمَّا الْمِيرَاثُ، فَإِنْ اصْطَلَحْنَ عَلَيْهِ، فَهُوَ جَائِزٌ كَيْفَمَا اصْطَلَحْنَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ، لَا يَخْرُجُ عَنْهُنَّ، وَإِنْ أَبَيْنَ الصُّلْحَ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُنَّ، فَتَكُونَ الْأَرْبَعُ مِنْهُنَّ بِالْقُرْعَةِ
وَعِنْد الشَّافِعِيِّ، يُوقَفُ الْمِيرَاثُ حَتَّى يَصْطَلِحْنَ. وَأَصِلُ هَذَا يُذْكَرُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[فَصْلٌ صِفَةُ اخْتِيَارِ مِنْ يَثْبُت نِكَاحهنَّ]
(٥٤٤٥) فَصْلٌ: وَصِفَةُ الِاخْتِيَارِ أَنْ يَقُولَ: اخْتَرْت نِكَاحَ هَؤُلَاءِ، أَوْ اخْتَرْت هَؤُلَاءِ، أَوْ أَمْسَكْتهنَّ، أَوْ اخْتَرْت حَبْسَهُنَّ، أَوْ إمْسَاكَهُنَّ، أَوْ نِكَاحَهُنَّ، أَوْ أَمْسَكْت نِكَاحَهُنَّ، أَوْ ثَبَّتُّ نِكَاحَهُنَّ، أَوْ أَثْبَتُّهُنَّ. وَإِنْ قَالَ لِمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ: فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ. كَانَ اخْتِيَارًا لِلْأَرْبَعِ. وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ، كَانَ اخْتِيَارًا لَهَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي زَوْجَةٍ. وَإِنْ قَالَ: قَدْ فَارَقْت هَؤُلَاءِ، أَوْ اخْتَرْت فِرَاقَ هَؤُلَاءِ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ، كَانَ اخْتِيَارًا لِغَيْرِهِنَّ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ: «اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ»
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْفِرَاقِ صَرِيحًا فِيهِ، كَمَا كَانَ لَفْظُ الطَّلَاقِ صَرِيحًا فِيهِ، وَكَذَا فِي حَدِيثِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: فَعَمَدْت إلَى أَقْدَمِهِنَّ صُحْبَةً، فَفَارَقْتهَا. وَهَذَا الْمَوْضِعُ أَخَصُّ بِهَذَا اللَّفْظِ. فَيَجِبُ أَنْ يُتَخَصَّصَ فِيهِ بِالْفَسْخِ. وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، كَانَ اخْتِيَارًا لَهُنَّ دُونَ غَيْرِهِنَّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِ عِنْد الْإِطْلَاقِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ يَكُونُ اخْتِيَارًا لِلْمُفَارِقَاتِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ، وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَاهُ
وَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُنَّ، كَانَ اخْتِيَارًا لَهَا، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي مِلْكٍ، فَيَدُلُّ عَلَى الِاخْتِيَارِ، كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، وَوَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ أَيْضًا اخْتِيَارًا لَهَا. وَإِنْ آلَى مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا، لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ فِي غَيْرِ زَوْجَةٍ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ، يَكُونُ اخْتِيَارًا لَهَا؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ لَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِ زَوْجَةٍ. وَإِنْ قَذَفَهَا، لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِي غَيْرِ زَوْجَةٍ.
[فَصْلٌ اخْتَارَ الزَّوْج مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارَقَ الْبَوَاقِيَ]
(٥٤٤٦) فَصْلٌ: وَإِذَا اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَفَارَقَ الْبَوَاقِيَ، فَعِدَّتُهُنَّ مِنْ حِينِ اخْتَارَ؛ لِأَنَّهُنَّ بِنَّ مِنْهُ بِالِاخْتِيَارِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ عِدَّتُهُنَّ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُنَّ بِنَّ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ، فَيَثْبُتُ حُكْمُهُ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute