للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ هَذِهِ الْوَقْفَةَ لِيُكَبِّرَ آخِرُ الصُّفُوفِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ إذَا كَبَّرَ ثُمَّ سَلَّمَ، خِفْتُ أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمُهُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ آخِرُ الصُّفُوفِ، فَإِنْ كَانَ هَكَذَا فَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُوَفِّقُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَبْرَأُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَنْ أَتَأَوَّلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرًا لَمْ يُرِدْهُ، أَوْ أَرَادَ خِلَافَهُ.

[مَسْأَلَةٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

(١٥٦٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) . أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَى الْجَنَائِزِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَبِهِ قَالَ سَالِمٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَطَاءٌ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالزُّهْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ مَقَامُ رَكْعَةٍ، وَلَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ.

وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ. وَلِأَنَّهَا تَكْبِيرَةٌ حَالَ الِاسْتِقْرَارِ أَشْبَهَتْ الْأُولَى، وَمَا ذَكَرُوهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَإِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ يَحُطُّهُمَا عِنْدَ انْقِضَاءِ التَّكْبِيرِ، وَيَضَعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، كَمَا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ. وَفِيمَا رَوَى ابْنُ أَبِي مُوسَى «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، فَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ.»

[مَسْأَلَةٌ يُسَلِّمُ عَلَى الْجِنَازَةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً]

(١٥٦٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَيُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ. السُّنَّةُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: التَّسْلِيمُ عَلَى الْجِنَازَةِ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، عَنْ سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ إلَّا عَنْ إبْرَاهِيمَ وَرُوِيَ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَوَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ.

وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْحَارِثُ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ سَلَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ تَسْلِيمَتَيْنِ فَهُوَ جَاهِلٌ جَاهِلٌ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَسْلِيمَتَانِ، وَتَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِي.

وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.

وَلَنَا، مَا رَوَى عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً.» رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ، وَأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمْ، فَكَانَ إجْمَاعًا قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ إلَّا عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ الْجُوزَجَانِيُّ هَذَا عِنْدَنَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الْأَقْرَانِ وَالْأَشْكَالِ، أَمَّا إذَا أَجْمَعَ النَّاسُ وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَشَذَّ عَنْهُمْ رَجُلٌ، لَمْ يُقَلْ لِهَذَا اخْتِلَافٌ.

وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ إمَامِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>