للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ إنْ عَتَقَ زَوْجُ الْأَمَةِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ]

(٥٥٣٠) فَصْلٌ: وَإِنْ عَتَقَ زَوْجُ الْأَمَةِ، لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْكَمَالِ فِي الزَّوْجَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ، وَلِذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ إلَّا فِي الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مُطْلَقًا، فَبَانَتْ أَمَةً، لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ. وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا مُطْلَقًا، فَبَانَ عَبْدًا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ، وَكَذَلِكَ فِي الِاسْتِدَامَةِ، لَكِنْ إنْ عَتَقَ وَوَجَدَ الطَّوْلَ لِحُرَّةٍ، فَهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، تَقَدَّمَ ذَكَرُهُمَا.

[فَصْلٌ عَتَقَتْ الْأُمَّةُ فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا زِدْنِي فِي مَهْرِي]

(٥٥٣١) فَصْلٌ: وَإِذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ، فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: زِدْنِي فِي مَهْرِي. فَفَعَلَ، فَالزِّيَادَةُ لَهَا دُونَ سَيِّدهَا، سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَسَوَاءٌ عَتَقَ مَعَهَا، أَوْ لَمْ يَعْتِقْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِيمَ إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ ثُمَّ عَتَقَا جَمِيعًا، فَقَالَتْ الْأَمَةُ: زِدْنِي فِي مَهْرِي. فَالزِّيَادَةُ لِلْأَمَةِ لَا لِلسَّيِّدِ. فَقِيلَ: أَرَأَيْت إنْ كَانَ الزَّوْجُ لِغَيْرِ السَّيِّدِ، لِمَنْ تَكُونُ الزِّيَادَةُ؟ قَالَ: لِلْأَمَةِ

وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا، لَوْ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا، ثُمَّ بَاعَهَا، فَزَادَهَا زَوْجُهَا فِي مَهْرِهَا، فَالزِّيَادَةُ لِلثَّانِي. وَقَالَ الْقَاضِي: الزِّيَادَةُ لِلسَّيِّدِ الْمُعْتِقِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، عَلَى قِيَاسِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّدَاقِ تَلْحَقُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ، فَتَكُونُ كَالْمَذْكُورَةِ فِيهِ. وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الزِّيَادَةِ إنَّمَا ثَبَتَ حَالَ وُجُودِهَا، بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِ سَيِّدِهَا عَنْهَا، فَيَكُونُ لَهَا، كَكَسْبِهَا وَالْمَوْهُوبِ لَهَا

وَقَوْلُنَا: إنَّ الزِّيَادَةَ تَلْحَقُ بِالْعَقْدِ. مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا، وَيَصِيرُ الْجَمِيعُ صَدَاقًا، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ كَانَ ثَابِتًا فِيهَا، وَكَانَ لِسَيِّدِهَا، فَإِنَّ هَذَا مُحَالٌ، وَلِأَنَّ سَبَبَ مِلْكِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وُجِدَ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمِلْكُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَقَدُّمِ الْحُكْمِ قَبْلَ سَبَبِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمِلْكُ ثَابِتًا لِلْمُعْتَقِ فِيهِ حِينَ التَّزْوِيجِ لَلَزِمَتْهُ زَكَاتُهُ، وَكَانَ لَهُ نَمَاؤُهُ. وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ أَنْ نُطِيلَ فِيهِ.

[بَاب أَجَلِ الْعِنِّينِ وَالْخَصِيِّ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ]

ِ الْعِنِّينُ: هُوَ الْعَاجِزُ عَنْ الْإِيلَاجِ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ عَنَّ. أَيْ: اعْتَرَضَ؛ لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعِنُّ إذَا أَرَادَ إيلَاجَهُ، أَيْ يَعْتَرِضُ، وَالْعَنَنُ الِاعْتِرَاضُ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَعِنُّ لِقُبُلِ الْمَرْأَةِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَلَا يَقْصِدُهُ. فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ كَذَلِكَ فَهُوَ عَيْبٌ بِهِ، وَيُسْتَحَقُّ بِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ، بَعْدَ أَنْ تُضْرَبَ لَهُ مُدَّةٌ يُخْتَبَرُ فِيهَا، وَيُعْلَمُ حَالُهُ بِهَا. وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -

وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَعَلَيْهِ فَتْوَى فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، مِنْهُمْ؛ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَشَذَّ الْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَدَاوُد، فَقَالَا: لَا يُؤَجَّلُ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>