للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَنْ لَمْ تُعْرَفْ عَدَالَتُهُ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ، وَنَخُصُّهُ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ مَنْ يَسْأَلُهُ الْحَاكِمُ، فَيَعْرِفُ عَدَالَتَهُ.

[مَسْأَلَة الْعَدَالَةِ فِي الشَّهَادَة]

(٨٣٦٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْعَدْلُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ. وَهَذَا قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَإِسْحَاقَ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْعَدْلَ هُوَ الَّذِي تَعْتَدِلُ أَحْوَالُهُ فِي دِينِهِ وَأَفْعَالِهِ. قَالَ الْقَاضِي: يَكُونُ ذَلِكَ فِي الدِّينِ وَالْمُرُوءَةِ وَالْأَحْكَامِ. أَمَّا الدِّينُ فَلَا يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً، وَلَا يُدَاوِمُ عَلَى صَغِيرَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ، فَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مُرْتَكِبِ كَبِيرَةٍ، وَلَا يُجَرِّحُهُ عَنْ الْعَدَالَةِ فِعْلُ صَغِيرَةٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ} [النجم: ٣٢] .

قِيلَ: اللَّمَمُ صِغَارُ الذُّنُوبِ. وَلِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنْ تَغْفِرْ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَك لَا أَلَمَّا؟» أَيْ لَمْ يُلِمَّ. فَإِنَّ " لَا " مَعَ الْمَاضِي بِمَنْزِلَةِ " لَمْ " مَعَ الْمُسْتَقْبَلِ. وَقِيلَ: اللَّمَمُ أَنْ يُلِمَّ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ لَا يَعُودَ فِيهِ. وَالْكَبَائِرُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ فِيهَا حَدٌّ، وَالْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ. وَرَوَى أَبُو بَكْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرَ؟ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ. وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَقَوْلُ الزُّورِ. فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>