للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَضَاءِ عِدَّتِهَا، وَحِلِّ النِّكَاحِ لَهَا بِمُدَّةِ الْحَمْلِ، فَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ، كَمَا لَوْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِوَضْعِ حَمَلِهَا لِمُدَّةِ الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِمْكَانُ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ أَوْ آثَارِهِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ.

وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ تَدَّعِي الْإِيَاسَ، تَبَيَّنَّا كَذِبَهَا، فَإِنَّ مَنْ تَحْمِلُ لَيْسَتْ بِآيِسَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، أَوْ مُتَوَفَّى عَنْهَا، لَحِقَهُ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهَا مَا يُنَافِي كَوْنَهَا حَامِلًا.

[فَصْلٌ مَاتَ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ عَنْ زَوْجَتِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدِ]

(٦٣٤٠) فَصْلٌ: وَإِذَا مَاتَ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ عَنْ زَوْجَتِهِ، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ، لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ، وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ، وَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ مَاتَ وَبِهَا حَمْلٌ ظَاهِرٌ، اعْتَدَّتْ عَنْهُ بِالْوَضْعِ، وَإِنْ ظَهَرَ الْحَمْلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، لَمْ تَعْتَدَّ بِهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي الصَّبِيِّ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَفِيهِ بُعْدٌ. وَهَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ، وَدَخَلَ بِهَا، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ عَقْدِ النِّكَاحِ، فَإِنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُ تَعْتَدُّ بِهِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] .

وَلَنَا أَنَّ هَذَا حَمْلٌ مَنْفِيٌّ عَنْهُ يَقِينًا، فَلَمْ تَعْتَدَّ بِوَضْعِهِ، كَمَا لَوْ ظَهَرَ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالْآيَةُ وَارِدَةٌ فِي الْمُطَلَّقَاتِ، ثُمَّ هِيَ مَخْصُوصَةٌ بِالْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ مِنْ الْوَطْءِ الَّذِي عَلِقَتْ بِهِ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْوَلَدُ مُلْحَقًا بِغَيْرِ الصَّغِيرِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ، أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ كَانَ مِنْ زِنًا لَا يَلْحَقُ بِأَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ مِنْ كُلِّ وَطْءٍ، فَإِذَا وَضَعَتْهُ اعْتَدَّتْ مِنْ الصَّبِيِّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ؛ لِأَنَّ الْعِدَّتَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ لَا يَتَدَاخَلَانِ.

وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَ الدُّخُولِ، كَزَوْجَةِ كَبِيرٍ دَخَلَ بِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا، فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بَعْدَ وَضْعِهِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ. وَكَذَلِكَ إذَا طَلَّقَ الْخَصِيُّ الْمَجْبُوبُ امْرَأَتَهُ، أَوْ مَاتَ عَنْهَا، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ، وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ، وَتَنْقَضِي بِهِ عِدَّةُ الْوَطْءِ، ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ، أَوْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ ظَاهَرَ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْإِنْزَالُ، بِأَنْ يَحُكَّ مَوْضِعَ ذَكَرِهِ بِفَرْجِهَا فَيُنْزِلَ. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَلْحَقُ بِهِ؛ الْوَلَدُ، وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَدٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ، فَلَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، كَالصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ.

وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ تَزَوَّجَ الْمَشْرِقِيُّ بِالْمَغْرِبِيَّةِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَا يُمْكِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>