(٤٤٠٦) فَصْلٌ: وَإِنْ عَلَّقَ انْتِهَاءَهُ عَلَى شَرْطٍ، نَحْوَ قَوْلِهِ: دَارِي وَقْفٌ إلَى سَنَةٍ، أَوْ إلَى أَنْ يَقْدَمَ الْحَاجُّ. لَمْ يَصِحَّ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ التَّأْبِيدُ. وَفِي الْآخَرِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعُ الِانْتِهَاءِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَفَهُ عَلَى مُنْقَطِعِ الِانْتِهَاءِ، فَإِنْ حَكَمْنَا بِصِحَّتِهِ هَاهُنَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مُنْقَطِعِ الِانْتِهَاءِ.
(٤٤٠٧) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: هَذَا وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي سَنَةً، ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ. صَحَّ. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: هَذَا وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي مُدَّةَ حَيَاتِي، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ مَوْتِي لِلْمَسَاكِينِ. صَحَّ؛ لِأَنَّهُ وَقْفٌ مُتَّصِلُ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ. وَإِنْ قَالَ: وَقْفٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِي صَحَّ، وَيَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَيُلْغَى قَوْلُهُ: عَلَى أَوْلَادِي. لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ لَا انْقِرَاضَ لَهُمْ.
[فَصْلٌ الْوَقْف فِي مَرَضِهِ عَلَى بَعْضِ وَرَثَته]
(٤٤٠٨) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْوَقْفِ فِي مَرَضِهِ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ، فَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ وَقَفَ عَلَى إجَازَةِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، قَالَ أَحْمَدَ، فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ، فِي مَنْ أَوْصَى، لِأَوْلَادِ بَنِيهِ بِأَرْضٍ تُوقَفُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: إنْ لَمْ يَرِثُوهُ فَجَائِزٌ. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَرَضِ. اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يَجُوزُ أَنْ يَقِفَ عَلَيْهِمْ ثُلُثَهُ، كَالْأَجَانِبِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْمَيْمُونِيُّ: يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقِفَ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ. فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ تَذْهَبُ أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَالْوَقْفُ غَيْرُ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ، وَلَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ يَنْتَفِعُونَ بِغَلَّتِهِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِي مَسْأَلَتِهِ بِوَقْفِ ثُلُثِهِ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ دُونَ بَعْضٍ، فَقَالَ: جَائِزٌ
قَالَ الْخَبَرِيُّ: وَأَجَازَ هَذَا الْأَكْثَرُونَ. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ، بِحَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ أَنَّ ثَمْغًا صَدَقَةٌ، وَالْعَبْدَ الَّذِي فِيهِ، وَالسَّهْمَ الَّذِي بِخَيْبَرَ، وَرَقِيقَهُ الَّذِي فِيهِ، وَالْمِائَةَ وَسْقٍ الَّذِي أَطْعَمَنِي مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَلِيه حَفْصَةُ مَا عَاشَتْ، ثُمَّ يَلِيهِ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهِ، لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى، يُنْفِقُهُ حَيْثُ يَرَى مِنْ السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَذَوِي الْقُرْبَى، وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ إنْ أَكَلَ أَوْ اشْتَرَى رَقِيقًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا
فَالْحُجَّةُ أَنَّهُ جَعَلَ لِحَفْصَةَ أَنْ تَلِيَ وَقْفَهُ، وَتَأْكُلَ مِنْهُ، وَتَشْتَرِيَ رَقِيقًا. قَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قُلْت لِأَحْمَدْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute