للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْلِبَ عَلَى رَأْسِهِ مَاءً حَارًّا، فَتَلِفَ مَنْبَتُ الشَّعْرِ، فَيَنْقَلِعَ بِالْكُلِّيَّةِ،. بِحَيْثُ لَا يَعُودُ وَإِنْ رُجِيَ عَوْدُهُ إلَى مُدَّةٍ، اُنْتُظِرَ إلَيْهَا. وَإِنْ عَادَ الشَّعْرُ قَبْلَ أَخْذِ الدِّيَةِ، لَمْ تَجِبْ، فَإِنْ عَادَ بَعْدَ أَخْذِهَا، رَدَّهَا. وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي ذَهَابِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، فِيمَا يُرْجَى عَوْدُهُ، وَفِيمَا لَا يُرْجَى (٦٩١٥) فَصْلٌ: وَلَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الشُّعُورِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَهَا إنَّمَا يَكُونُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَحَلِّهَا، وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ، فَلَا تُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ، فَلَا يَجِبُ الْقِصَاص فِيهِ.

[مَسْأَلَةٌ دِيَة المشام]

(٦٩١٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَفِي الْمَشَامِّ الدِّيَةُ) يَعْنِي الشَّمَّ، فِي إتْلَافِهِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ حَاسَّةٌ، تَخْتَصُّ بِمَنْفَعَتِهِ، فَكَانَ فِيهَا الدِّيَةُ، كَسَائِرِ الْحَوَاسِّ. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. قَالَ الْقَاضِي: فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «وَفِي الْمَشَامِّ الدِّيَةُ» . فَإِنْ ادَّعَى ذَهَابَ شَمِّهِ، اغْتَفَلْنَاهُ بِالرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ أَوْ الْمُنْتِنَةِ، فَإِنْ هَشَّ لِلطَّيِّبِ، وَتَنَكَّرَ لِلْمُنْتِنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبِنْ مِنْهُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِمْ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي السَّمْعِ.

وَإِنْ ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ نَقْصَ شَمِّهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ، كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْأَقْرَاءِ، وَيَجِبُ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ مَا تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ. وَإِنْ ذَهَبَ شَمُّهُ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ أَخْذِ الدِّيَةِ، سَقَطَتْ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَخْذِهَا رَدَّهَا؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَهَبَ. وَإِنْ رُجِيَ عَوْدُ شَمِّهِ إلَى مُدَّةٍ، اُنْتُظِرَ إلَيْهَا. وَإِنْ ذَهَبَ شَمُّهُ مِنْ أَحَدِ مَنْخِرَيْهِ، فَفِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، كَمَا لَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُ مِنْ إحْدَى عَيْنَيْهِ.

[فَصْلٌ فِي الْأَنْف الدِّيَة إذَا كَانَ قَطَعَ مَارِنِهِ بِغَيْرِ خِلَاف بَيْنَهُمْ]

(٦٩١٧) فَصْلٌ: وَفِي الْأَنْفِ الدِّيَةُ إذَا كَانَ قُطِعَ مَارِنُهُ، بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَهُمْ. حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَمَّنْ يَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «وَفِي الْأَنْفِ إذَا أُوعِبَ جَدْعًا الدِّيَةُ» . وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، فِي " الْمُوَطَّإِ " «إذَا أُوعِيَ جَدْعًا» . يَعْنِي إذَا: اُسْتُوْعِبَ وَاسْتُؤْصِلَ، وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ فِيهِ جَمَالٌ وَمَنْفَعَةٌ، لَيْسَ فِي الْبَدَنِ مِنْهُ إلَّا شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَكَانَتْ فِيهِ الدِّيَةُ، كَاللِّسَانِ، وَإِنَّمَا الدِّيَةُ فِي مَارِنِهِ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ. هَكَذَا قَالَ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>