الرَّجُلِ لَا يَدْخُلُونَ فِي اسْمِ الْقَرَابَةِ، وَلَا أَهْلُ بَيْتِهِ. وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، فَإِنَّ وَلَدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَقَارِبُهُ الَّذِينَ حُرِمُوا الصَّدَقَةَ، وَأُعْطُوا مِنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى، وَهُمْ مِنْ أَقْرَبِ أَقَارِبِهِ، فَكَيْفَ لَا يَكُونُونَ مِنْ أَقَارِبِهِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ وَوَلَدَيْهَا وَزَوْجِهَا: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا؟» وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَقَارِبِ رَجُلٍ، أَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ، دَخَلَ فِيهِ وَلَدُهُ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْته. وَالْخِرَقِيُّ قَدْ عَدَّهُمْ فِي الْقَرَابَةِ بِقَوْلِهِ: " لَا يُجَاوِزُ بِهَا أَرْبَعَةَ آبَاءٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُجَاوِزْ بَنِي هَاشِمٍ بِسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى ". فَجَعَلَ هَاشِمًا الْأَبَ الرَّابِعَ، وَلَا يَكُونُ رَابِعًا إلَّا أَنْ يَعُدَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبًا؛ لِأَنَّ هَاشِمًا إنَّمَا هُوَ رَابِعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[فَصْلٌ وَصَّى لِآلِهِ]
(٤٧٥١) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى لِآلِهِ، فَهُوَ مِثْلُ قَرَابَتِهِ، فَإِنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: أَصْلُهُ، وَعَشِيرَتُهُ الَّذِينَ حُرِمُوا الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ؛ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ الْعَبَّاسِ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَقِيلٍ.، وَالْأَصْلُ فِي آلِ أَهْلٌ، فَقُلِبَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً، كَمَا قَالُوا: هَرَقْت الْمَاءَ وَأَرَقْته. وَمُدَّتْ لِئَلَّا تَجْتَمِعَ هَمْزَتَانِ. وَإِنْ وَصَّى لِعِتْرَتِهِ، فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ فِي عُرْفِ النَّاسِ عَشِيرَتُهُ الْأَدْنَوْنَ، وَوَلَدُهُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَإِنْ سَفَلُوا فَتُصْرَفُ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِمْ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: نَحْنُ عِتْرَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْضَتُهُ الَّتِي تَفَقَّأَتْ عَنْهُ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ، وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْعِتْرَةُ الْأَوْلَادُ، وَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ. . وَلَمْ يُدْخِلَا فِي ذَلِكَ الْعَشِيرَةَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ فِي عُرْفِ النَّاسِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَحْفِلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ، وَهُمْ أَهْل اللِّسَانِ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا خَالَفَهُ. وَإِنْ وَصَّى لِقَوْمِهِ، أَوْ لِنُسَبَائِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا بِمَثَابَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا قَالَ: لِرَحِمِي، أَوْ لِأَرْحَامِي، أَوْ لِأَنْسَابِي، أَوْ لِمُنَاسِبِي. صُرِفَ إلَى قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَيَتَعَدَّى وَلَدَ الْأَبِ الْخَامِسِ. فَعَلَى هَذَا يُصْرَفُ إلَى كُلِّ مَنْ يَرِثُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ أَوْ بِالرَّحِمِ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ. وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي الْمُنَاسِبِينَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْعُرْفِ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ الْعَشِيرَةِ الَّتِي يَنْتَسِبَانِ إلَيْهَا، وَإِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْتَسِبُ إلَى قَبِيلَةٍ غَيْرِ قَبِيلَةِ صَاحِبِهِ، فَلَيْسَ بِمُنَاسِبٍ لَهُ.
[فَصْلٌ وَصَّى لِمَوَالِيهِ وَلَهُ مَوَالٍ مِنْ فَوْقَ وَهُمْ مُعْتِقُوهُ]
(٤٧٥٢) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى لِمَوَالِيهِ، وَلَهُ مَوَالٍ مِنْ فَوْقُ، وَهُمْ مُعْتِقُوهُ، فَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُمْ، وَقَدْ تَعَيَّنُوا بِوُجُودِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَوَالٍ مِنْ أَسْفَلَ فَهِيَ لَهُمْ كَذَلِكَ. وَإِنْ اجْتَمَعُوا، فَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute