للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِهِ، وَبَقِيَ بَاقِيه لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ، إذَا كَانَ عِتْقُهُ بِهَا، لِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَمَا حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ، وَيَخْتَصُّ الْمُعَاوَضَةَ، فَلَمْ تَثْبُتْ الْحُرِّيَّةُ فِي الْعِوَضِ.

[فَصْلٌ وَصَّى سَيِّدُهُ بِإِعْتَاقِهِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ]

(٨٧٨٨) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى سَيِّدُهُ بِإِعْتَاقِهِ، أَوْ إبْرَائِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَكَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مَالِ كِتَابَتِهِ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ، إلَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُ هَاهُنَا إلَى إيقَاعِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا مِنْ ثُلُثِهِ، أَعْتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَيَسْقُطُ مِنْ الْكِتَابَةِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ، وَيَبْقَى بَاقِيه عَلَى بَاقِي الْكِتَابَةِ، فَإِنْ أَدَّاهُ، عَتَقَ جَمِيعُهُ، وَإِنْ عَجَزَ، عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَرَقَّ الْبَاقِي. وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يَتَنَجَّزَ عِتْقُ ثُلُثِهِ فِي الْحَالِ، كَقَوْلِنَا فِي مَنْ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ، أَوْ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ مُوسِرٍ أَوْ مُعْسِرٍ: إنَّهُ يَعْتِقُ ثُلُثُهُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْوَرَثَةِ فِي الْحَالِ شَيْءٌ. وَلِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ مُتَحَقِّقُ الْحُصُولِ، فَإِنَّهُ إنْ أَدَّى، وَإِلَّا عَادَ الْبَاقِي قِنًّا، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِ وَجْهًا آخَرَ، أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّزُ عِتْقُ شَيْءٍ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ سِوَاهُ؛ لِئَلَّا يَتَنَجَّزَ لِلْوَصِيَّةِ مَا عَتَقَ مِنْهُ، وَيَتَأَخَّرَ حَقُّ الْوَارِثِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ، أَوْ دَيْنٌ حَاضِرٌ، لَمْ تَتَنَجَّزْ وَصِيَّتُهُ مِنْ الْحَاضِرِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

وَأَمَّا الْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِالْحَاضِرِ، أَخَذَ ثُلُثَهُ فِي الْحَالِ، وَوَقَفَ الْبَاقِي عَلَى قُدُومِ الْغَائِبِ، فَقَدْ حَصَلَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهُ الْحَاضِرُ، وَلَمْ يَحْصُلْ لِلْوَرَثَةِ شَيْءٌ فِي الْحَالِ، فَهُوَ كَمَسْأَلَتِنَا، وَلَمْ يَكْمُلْ لَهُ جَمِيعُ وَصِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِحُصُولِهِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا تَلِفَ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ. فَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ بِزِيَادَةِ مَالِ الْكِتَابَةِ، فَإِنَّهَا تَقِفُ عَلَى أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ.

[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ وَفَاءَ كِتَابَتِهِ وَأَتَى بِشَاهِدٍ]

مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَإِذَا ادَّعَى الْمُكَاتَبُ وَفَاءَ كِتَابَتِهِ، وَأَتَى بِشَاهِدٍ، حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ، وَصَارَ حُرًّا وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ بَيْنَهُمَا فِي أَدَاءِ الْمَالِ، وَالْمَالُ يُقْبَلُ فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ. فَإِنْ قِيلَ: الْقَصْدُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ الْعِتْقُ، وَهُوَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. قُلْنَا: بَلْ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فِي رِوَايَةٍ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ، لَكِنَّ الشَّهَادَةَ هَاهُنَا إنَّمَا هِيَ بِأَدَاءِ الْمَالِ، وَالْعِتْقُ يَحْصُلُ عِنْدَ أَدَائِهِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَشْهَدْ الشَّاهِدُ بِهِ، وَلَا بَيْنَهُمَا، فِيهِ نِزَاعٌ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَثْبُتَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَمْرٌ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، كَمَا أَنَّ الْوِلَادَةَ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ النَّسَبِ، الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وَلَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ. (٨٧٩٠)

فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ شَاهِدٌ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينه؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ. وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ: لِي شَاهِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>