للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلَا نَعْرِفُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقُنُوتِ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا.

وَيَقُولُ مَا رَوَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُهُ فِي وِتْرِهِ» وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ قَنَتَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ، وَنَسْتَهْدِيكَ، وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَنَشْكُرُكَ، وَلَا نَكْفُرُكَ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ، اللَّهُمَّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ» . وَهَاتَانِ سُورَتَانِ فِي مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ قَالَ: قَرَأْت فِي مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ: " اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ. اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ ".

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَتَبَهُمَا أُبَيٌّ فِي مُصْحَفِهِ. يَعْنِي إلَى قَوْلِهِ: " بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ ". قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: " نَحْفِدُ " نُبَادِرُ. وَأَصْلُ الْحَفْدِ: مُدَارَكَةُ الْخَطْوِ وَالْإِسْرَاعُ. " وَالْجِدُّ " بِكَسْرِ الْجِيمِ، أَيْ الْحَقُّ لَا اللَّعِبُ، " مُلْحِقٌ " بِكَسْرِ الْحَاءِ لَاحِقٌ. وَهَكَذَا يُرْوَى هَذَا الْحَرْفُ، يُقَالُ: لَحِقْتُ الْقَوْمَ وَأَلْحَقْتُهُمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَمَنْ فَتَحَ الْحَاءَ أَرَادَ أَنَّ اللَّهَ يُلْحِقُهُ إيَّاهُ، وَهُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ، غَيْرَ أَنَّ الرِّوَايَةَ هِيَ الْأُولَى. وَقَالَ الْخَلَّالُ: سَأَلْت ثَعْلَبًا عَنْ مُلْحِقٍ وَمُلْحَقٍ؟ فَقَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُهُمَا مَعًا.

[فَصْلٌ إذَا أَخَذَ الْإِمَامُ فِي الْقُنُوتِ أَمَّنَ مَنْ خَلْفَهُ]

(١٠٨٠) فَصْلٌ: إذَا أَخَذَ الْإِمَامُ فِي الْقُنُوتِ، أَمَّنَ مَنْ خَلْفَهُ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَقَالَهُ إِسْحَاقُ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ دَعَوْا مَعَهُ فَلَا بَأْسَ. وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: إذَا لَمْ أَسْمَعْ قُنُوتَ الْإِمَامِ أَدْعُو؟ قَالَ: نَعَمْ. فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي حَالِ الْقُنُوتِ. قَالَ الْأَثْرَمُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ إلَى صَدْرِهِ. وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ إلَى صَدْرِهِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَأَنْكَرَهُ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ

وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دَعَوْت اللَّهَ فَادْعُ بِبُطُونِ كَفَّيْكَ، وَلَا تَدْعُ بِظُهُورِهِمَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَامْسَحْ بِهِمَا وَجْهَكَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. وَلِأَنَّهُ فِعْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ. وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْقُنُوتِ فَهَلْ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>