[فَصْل تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ فَمَاتَ وَلَدُهَا]
(٦٣٤٩) فَصْلٌ: إذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ، فَمَاتَ وَلَدُهَا، فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: يَعْتَزِلُ امْرَأَتَهُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً. وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالْحَسَنِ ابْنِهِ، وَنَحْوُهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يَنْظُرَ بِهَا حَمْلٌ أَمْ لَا؟ وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا حِينَ مَوْتِهِ، وَرِثَهُ حَمْلُهَا، وَإِنْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْمَوْتِ، لَمْ يَرِثْهُ. فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ أَبٌ أَوْ جَدٌّ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى اسْتِبْرَائِهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا مِيرَاثَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا قَدْ تَبَيَّنَ حَمْلُهَا، لَمْ يَحْتَجْ إلَى اسْتِبْرَائِهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَعْلُومٌ، وَإِنْ كَانَتْ آيِسَةً، لَمْ يَحْتَجْ إلَى اسْتِبْرَائِهَا؛ لِلْيَأْسِ مِنْ حَمْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُمْكِنُ حَمْلُهَا، وَلَمْ يَبِنْ بِهَا حَمْلٌ، وَلَمْ يَعْتَزِلْهَا زَوْجُهَا، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَرِثَ، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرِ مِنْ حِينِ وَطِئَهَا بَعْدَ مَوْتِ وَلَدِهَا، لَمْ يَرِثْ، لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ وُجُودَهُ حَالَ مَوْتِهِ. هَذَا يُرْوَى عَنْ سُفْيَانَ. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.
[فَصْلٌ أَحْكَامِ عدة زَوْجَة الْمَفْقُودِ]
(٦٣٥٠) فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِ.
إذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ، لَمْ يَخْلُ مِنْ حَالَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنْ تَكُونَ غَيْبَةً غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ، يُعْرَفُ خَبَرُهُ، وَيَأْتِي كِتَابُهُ، فَهَذَا لَيْسَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَجْمَعِينَ، إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ، فَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ فَسْخَ النِّكَاحِ، فَيُفْسَخَ نِكَاحُهُ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ زَوْجَةَ الْأَسِيرِ لَا تُنْكَحُ حَتَّى تَعْلَمَ يَقِينَ وَفَاتِهِ. وَهَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ، فَزَوْجَتُهُ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ، حَتَّى تَعْلَمَ مَوْتَهُ أَوْ رِدَّتَهُ. وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ
وَقَالَ الْحَسَنُ: إبَاقُهُ طَلَاقُهُ. وَلَنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَفْقُودٍ، فَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ، كَالْحُرِّ، وَمَنْ تَعَذُّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ، فَحُكْمُهَا فِي الْفَسْخِ حُكْمُ مَا ذَكَرْنَا، إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ، أَوْ فِي كَسْبِهِ، فَيُعْتَبَرُ تَعَذُّرُ الْإِنْفَاقِ مِنْ مَحَلِّ الْوُجُوبِ. الْحَالُ الثَّانِي، أَنْ يُفْقَدَ، وَيَنْقَطِعَ خَبَرُهُ، وَلَا يُعْلَمَ لَهُ مَوْضِعٌ، فَهَذَا يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ غَيْبَتِهِ السَّلَامَةَ، كَسَفَرِ التِّجَارَةِ فِي غَيْرِ مَهْلَكَةٍ، وَإِبَاقِ الْعَبْدِ، وَطَلَبِ الْعِلْمِ وَالسِّيَاحَةِ، فَلَا تَزُولُ الزَّوْجِيَّةُ أَيْضًا، مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute