خَدِّهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ نَحْوَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.» رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.، وَلِأَنَّ ذِكْرَ الرَّحْمَةِ تَكْرِيرٌ لِلثَّنَاءِ، فَلَمْ يَجِبْ. كَقَوْلِهِ: وَبَرَكَاتُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الصَّحِيحَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَلِأَنَّهُ سَلَامٌ فِي الصَّلَاةِ وَرَدَ مَقْرُونًا بِالرَّحْمَةِ، فَلَمْ يَجُزْ بِدُونِهَا، كَالتَّسْلِيمِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ.
[فَصْلٌ نَكَّسَ السَّلَام فِي الصَّلَاة فَقَالَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ]
(٧٧٣) فَصْلٌ: فَإِنْ نَكَّسَ السَّلَامَ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ. لَمْ يَجْزِهِ. قَالَ الْقَاضِي: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ يُجْزِئُ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ، وَلَيْسَ هُوَ بِقُرْآنٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ النَّظْمُ. وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ مُرَتَّبًا، وَأَمَرَ بِهِ كَذَلِكَ. وَقَالَ لِأَبِي تَمِيمَةَ: «لَا تَقُلْ عَلَيْك السَّلَامُ. فَإِنَّ عَلَيْك السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، فِي الْمُسْنَدِ، وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ يُؤْتَى بِهِ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَجُزْ مُنَكَّسًا، كَالتَّكْبِيرِ.
[فَصْلٌ قَالَ فِي الصَّلَاة سَلَامٌ عَلَيْكُمْ مُنْكَرًا مُنَوَّنًا]
(٧٧٤) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ: مُنَكِّرًا مُنَوِّنًا، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يُجْزِئُهُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ التَّنْوِينَ قَامَ مَقَامَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَلِأَنَّ أَكْثَرَ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ السَّلَامِ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد: ٢٤] . وَقَوْلِهِ: {يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ} [النحل: ٣٢] . وَقَوْلِهِ: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ} [الزمر: ٧٣] . وَلِأَنَّا أَجَزْنَا التَّشَهُّدَ بِتَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَفِيهِمَا: سَلَامٌ عَلَيْك. بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ، وَالتَّسْلِيمَتَانِ وَاحِدٌ. وَالْآخَرُ: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ صِيغَةَ السَّلَامِ الْوَارِدِ، وَيُخِلُّ بِحَرْفٍ يَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ، فَيَتَغَيَّرُ الْمَعْنَى، فَلَمْ يُجْزِئْ، كَمَا لَوْ أَثْبَتَ اللَّامَ فِي التَّكْبِيرِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُنَوِّنَ التَّسْلِيمَ أَوْ لَا يُنَوِّنَهُ؛ لِأَنَّ حَذْفَ التَّنْوِينِ لَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى؛ بِدَلِيلِ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَلْتَفِتَ عَنْ يَمِينِهِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَعَنْ يَسَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ]
(٧٧٥) فَصْلٌ: وَيُسَنُّ أَنْ يَلْتَفِتَ عَنْ يَمِينِهِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى، وَعَنْ يَسَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ، كَمَا جَاءَتْ السُّنَّةُ، فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَلِّمُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ» . وَيَكُونُ الْتِفَاتُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْفَى؛ لِمَا رَوَى يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمَّارٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ، وَإِذَا سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute