وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي، أَوْ وَلَدِي. وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ صُلْبِهِ. أَوْ قَالَ: وَيُفَضَّلُ وَلَدُ الْأَكْبَرِ أَوْ الْأَعْلَمِ عَلَى غَيْرِهِمْ. أَوْ قَالَ: فَإِذَا خَلَتْ الْأَرْضُ مِنْ عَقِبِي عَادَ إلَى الْمَسَاكِينِ. أَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي غَيْرِ وَلَدِ الْبَنَاتِ. أَوْ غَيْرِ وَلَدِ فُلَانٍ. أَوْ قَالَ: يُفَضَّلُ الْبَطْنُ الْأَعْلَى عَلَى الثَّانِي
أَوْ قَالَ: الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى. وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ، فَهَذَا يُصْرَفُ لَفْظُهُ إلَى جَمِيعِ نَسْلِهِ وَعَاقِبَته. وَإِنْ اقْتَرَنَتْ بِهِ قَرِينَةٌ تَقْضِي تَخْصِيصَ أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ بِالْوَقْفِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: عَلَى وَلَدِي لِصُلْبِي. أَوْ الَّذِينَ يَلُونَنِي. وَنَحْوَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْبَطْنِ الْأَوَّلِ دُونَ غَيْرِهِمْ. وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّعْمِيمِ فِيهِمْ، إمَّا لِلْقَرِينَةِ، وَإِمَّا لِقَوْلِنَا بِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ وَلَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِ مَا يَقْتَضِي تَشْرِيكًا وَلَا تَرْتِيبًا، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ كُلِّهِمْ عَلَى التَّشْرِيكِ، لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي اللَّفْظِ دُخُولًا وَاحِدًا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ مُشْتَرَكًا، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ بِدَيْنٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّرْتِيبِ، عَلَى حَسَبِ التَّرْتِيبِ فِي الْمِيرَاثِ
وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ؛ لِقَوْلِهِ فِي مَنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ، وَلَمْ يَقُلْ: إنْ مَاتَ وَلَدُ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ دُفِعَ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ. فَمَاتَ وَلَدُ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ، وَتَرَكَ وَلَدًا، فَقَالَ: إنْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ دُفِعَ إلَى وَلَدِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ. فَجَعَلَهُ لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ إسْمَاعِيلَ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ وَلَدَ الْبَنِينَ لَمَّا دَخَلُوا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١]
وَلَمْ يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الْبَنِينَ شَيْئًا مَعَ وُجُودِ آبَائِهِمْ، وَاسْتَحَقُّوا عِنْدَ فَقْدِهِمْ، كَذَا هَاهُنَا. فَأَمَّا إنْ وَصَّى لِوَلَدِ فُلَانٍ، وَهُمْ قَبِيلَةٌ، فَلَا تَرْتِيبَ فِيهِ، وَيَسْتَحِقُّ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
[فَصْلٌ رَتَّبَ فَقَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي مَا تَنَاسَلُوا وَتَعَاقَبُوا الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى]
(٤٣٨٥) فَصْلٌ: وَإِنْ رَتَّبَ فَقَالَ: وَقَفْت هَذَا عَلَى وَلَدِي، وَوَلَدِ وَلَدِي، مَا تَنَاسَلُوا وَتَعَاقَبُوا، الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، أَوْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، أَوْ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ ثُمَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ، أَوْ عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي، أَوْ عَلَى أَوْلَادِي، فَإِنْ انْقَرَضُوا فَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي
فَكُلُّ هَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ، فَيَكُونُ عَلَى مَا شَرَطَ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ الثَّانِي شَيْئًا حَتَّى يَنْقَرِضَ الْبَطْنُ كُلُّهُ. وَلَوْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، كَانَ الْجَمِيعُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ ثَبَتَ بِقَوْلِهِ، فَيَتْبَعُ فِيهِ مُقْتَضَى كَلَامِهِ. وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي، وَأَوْلَادِهِمْ مَا تَعَاقَبُوا وَتَنَاسَلُوا، عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى وَلَدٍ كَانَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ جَارِيًا عَلَى وَلَدِهِ
كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَضَى التَّشْرِيكَ لَاقْتَضَى التَّسْوِيَةَ، وَلَوْ جَعَلْنَا لِوَلَدِ الْوَلَدِ سَهْمًا مِثْلَ سَهْمِ أَبِيهِ، ثُمَّ دَفَعْنَا إلَيْهِ سَهْمَ أَبِيهِ، صَارَ لَهُ سَهْمَانِ، وَلِغَيْرِهِ سَهْمٌ، وَهَذَا يُنَافِي التَّسْوِيَةَ، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَفْضِيلِ وَلَدِ الِابْنِ عَلَى الِابْنِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ إرَادَةِ الْوَاقِفِ خِلَافُ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute