[فَصْلٌ لَا فَرَّقَ بَيْن كَوْن الْمَوْطُوءَة أَجْنَبِيَّة أَوْ مِنْ ذَوَات مَحَارِمه]
(٥٦٥٦) فَصْلٌ: وَلَا فَرْقَ بَيْن كَوْنِ الْمَوْطُوءَةِ أَجْنَبِيَّةً أَوْ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَمَذْهَبُ النَّخَعِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ ذَوَاتَ مَحَارِمِهِ مِنْ النِّسَاءِ لَا مَهْرَ لَهُنَّ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ تَحْرِيمُ أَصْلٍ، فَلَا يُسْتَحَقُّ بِهِ مَهْرٌ. كَاللِّوَاطِ، وَفَارَقَ مَنْ حُرِّمَتْ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ، فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا طَارِئٌ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي مَنْ حُرِّمَتْ بِالرَّضَاعِ؛ لِأَنَّهُ طَارِئٌ أَيْضًا.
وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ مَنْ تَحْرُمُ ابْنَتُهَا لَا مَهْرَ لَهَا، كَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَالْأُخْتِ، وَمِنْ تَحِلُّ ابْنَتُهَا، كَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، فَلَهَا الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا أَخَفُّ. وَلَنَا، أَنَّ مَا ضَمِنَ لِلْأَجْنَبِيِّ، ضَمِنَ لِلْمُنَاسِبِ، كَالْمَالِ وَمَهْرِ الْأَمَةِ، وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا بِالْوَطْءِ، فَلَزِمَهُ مَهْرُهَا، كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَلِأَنَّهُ مَحَلٌّ مَضْمُونٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ، كَالْمَالِ، وَبِهَذَا فَارَقَ اللِّوَاطَ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَى أَحَدٍ.
[فَصْلٌ لَا يَجِب الْمَهْر بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُر وَلَا اللِّوَاط]
(٥٦٥٧) فَصْلٌ: وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ وَلَا اللِّوَاطِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِبَدَلِهِ، وَلَا هُوَ إتْلَافٌ لَشَيْءٍ، فَأَشْبَهَ الْقُبْلَةَ وَالْوَطْءَ دُونَ الْفَرْجِ، وَلَا يَجِبُ لِلْمُطَاوِعَةِ عَلَى الزِّنَى، لِأَنَّهَا بَاذِلَةٌ لِمَا يَجِبُ بَذْلُهُ لَهَا، فَلَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ، كَمَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي قَطْعِ يَدِهَا فَقَطَعَهَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً، فَيَكُونُ الْمَهْرُ لِسَيِّدِهَا، وَلَا يَسْقُطُ بِبَذْلِهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَذَلَتْ قَطْعَ يَدِهَا.
[فَصْل طَلَّقَ امْرَأَته قَبْلَ الدُّخُولِ طَلْقَة وَظَنَّ أَنَّهَا لَا تَبِينُ بِهَا فَوَطِئَهَا]
(٥٦٥٨) فَصْلٌ: وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ طَلْقَةً، وَظَنَّ أَنَّهَا لَا تَبِينُ بِهَا، فَوَطِئَهَا، لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَنِصْفُ الْمُسَمَّى. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ. وَلَنَا أَنَّ الْمَفْرُوضَ يَتَنَصَّفُ بِطَلَاقِهِ، بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] . وَوَطْؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَرِيَ عَنْ الْعَقْدِ، فَوَجَبَ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَا لَوْ عَلِمَ أَوْ كَغَيْرِهَا، أَوْ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ.
[فَصْلٌ وَمِنْ نِكَاحِهَا بَاطِل إذَا نَكَحَهَا رَجُلٌ فَوَطِئَهَا عَالِمًا بِالْحَالِ وَتَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ عَالِمَةٌ فَلَا مَهْرَ لَهَا]
(٥٦٥٩) فَصْلٌ: وَمَنْ نِكَاحُهَا بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ كَالْمُزَوَّجَةِ، وَالْمُعْتَدَّةِ، إذَا نَكَحَهَا رَجُلٌ فَوَطِئَهَا عَالِمًا بِالْحَالِ، وَتَحْرِيمِ الْوَطْءِ، وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ عَالِمَةٌ، فَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ زِنَى يُوجِبُ الْحَدَّ، وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ جَهِلَتْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ، أَوْ كَوْنَهَا فِي الْعِدَّةِ فَالْمَهْرُ لَهَا؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ، «أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ بَصْرَةُ بْنُ أَكْثَمَ، نَكَحَ امْرَأَةً، فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute