للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل غَزَا الْمُرْجِفُ أَوْ الْمُخَذِّلُ عَلَى فَرَسٍ]

(٧٥١٤) وَإِذَا غَزَا الْمُرْجِفُ أَوْ الْمُخَذِّلُ عَلَى فَرَسٍ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا لِلْفَرَسِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ غَزَا الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، لَمْ يُرْضَخْ لَهُ، لِأَنَّهُ عَاصٍ بِغَزْوِهِ، فَهُوَ كَالْمُخَذِّلِ وَالْمُرْجِفِ، وَإِنْ غَزَا الرَّجُلُ بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدَيْهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ غَرِيمِهِ، اسْتَحَقَّ السَّهْمَ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ بِحُضُورِ الصَّفِّ، فَلَا يَبْقَى عَاصِيًا فِيهِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ.

[فَصْل اسْتَعَارَ فَرَسًا لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ]

(٧٥١٥) وَمَنْ اسْتَعَارَ فَرَسًا لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ، فَفَعَلَ، فَسَهْمُ الْفَرَسِ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْغَزْوِ عَلَيْهِ بِإِذْنٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ سَهْمَ الْفَرَسِ لِمَالِكِهِ، لِأَنَّهُ مِنْ نَمَائِهِ، فَأَشْبَهَ وَلَدَهُ. وَبِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا سَهْمَ لِلْفَرَسِ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ سَهْمًا، فَلَمْ يَسْتَحِقُّ لِلْفَرَسِ شَيْئًا، كَالْمُخَذِّلِ وَالْمُرْجِفِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ فَرَسٌ قَاتَلَ عَلَيْهِ مَنْ يَسْتَحِقُّ سَهْمًا، وَهُوَ مَالِكٌ لِنَفْعِهِ، فَاسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفَرَسِ، كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَلِأَنَّ سَهْمَ الْفَرَسِ مُسْتَحَقٌّ بِمَنْفَعَتِهِ، وَهِيَ لِلْمُسْتَعِيرِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فِيهَا، وَفَارَقَ النَّمَاءَ وَالْوَلَدَ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ.

فَأَمَّا إنْ اسْتَعَارَهُ لِغَيْرِ الْغَزْوِ، ثُمَّ غَزَا عَلَيْهِ، فَهُوَ كَالْفَرَسِ الْمَغْصُوبِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ.

[فَصْل غَصَبَ فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ]

(٧٥١٦) وَإِنْ غَصَبَ فَرَسًا، فَقَاتَلَ عَلَيْهِ، فَسَهْمُ الْفَرَسِ لِمَالِكِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: لَا يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ. وَهُوَ وَجْهٌ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَهْمُ الْفَرَسِ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ، فَكَانَ الْحَاصِلُ بِهَا لِمُسْتَعْمِلِهَا كُلِّهِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ مِنْجَلًا فَاحْتَشَّ بِهَا، أَوْ سَيْفًا فَقَاتَلَ بِهِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ فَرَسٌ قَاتَلَ عَلَيْهِ مَنْ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ، فَاسْتَحَقَّ السَّهْمَ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَ صَاحِبِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لَهُ سَهْمًا كَانَ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا، وَمَا كَانَ لِلْفَرَسِ كَانَ لِمَالِكِهِ، وَفَارَقَ مَا يَحْتَشُّ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَلِأَنَّ السَّهْمَ مُسْتَحَقٌّ بِنَفْعِ الْفَرَسِ، وَنَفْعُهُ لِمَالِكِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ لَهُ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

[فَصْل اسْتَأْجَرَ فَرَسًا لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ]

(٧٥١٧) وَمَنْ اسْتَأْجَرَ فَرَسًا لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ، فَغَزَا عَلَيْهِ، فَسَهْمُ الْفَرَسِ لَهُ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِنَفْعِهِ اسْتِحْقَاقًا لَازِمًا، فَكَانَ سَهْمُهُ لَهُ، كَمَالِكِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>