فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ، وَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ. وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.» وَفِي رِوَايَةٍ: «إنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ.
فَرَعَى لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُصْرَتَهُمْ وَمُوَافَقَتَهُمْ بَنِي هَاشِمٍ. وَمَنْ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْهُمْ وَأَبُوهُ مِنْ غَيْرِهِمْ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَدْفَعْ إلَى أَقَارِبِ أُمِّهِ وَهُمْ بَنُو زُهْرَةَ شَيْئًا، وَإِنَّمَا دَفَعَ إلَى أَقَارِبِ أَبِيهِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى أَقَارِبِ أُمِّهِ لَدَفَعَ إلَى بَنِي زُهْرَةَ، وَخَبَرُ جُبَيْرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا، وَلَمْ يَدْفَعْ أَيْضًا إلَى بَنِي عَمَّاتِهِ، وَهُمْ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَعَبْدُ اللَّهِ وَالْمُهَاجِرُ ابْنَا أَبِي أُمَيَّةَ، وَبَنُو جَحْشٍ.
[الْفَصْلُ الثَّالِث يَشْتَرِك فِي خَمْس ذَوِي الْقُرْبَى الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى لَدُخُولِهِمْ فِي اسْمِ الْقَرَابَةِ]
(٥٠٨٥) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَشْتَرِكُ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى؛ لَدُخُولِهِمْ فِي اسْمِ الْقَرَابَةِ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي قِسْمَتِهِ بَيْنَهُمْ. فَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ سَهْمٌ اُسْتُحِقَّ بِقَرَابَةِ الْأَبِ شَرْعًا، فَفُضِّلَ فِيهِ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى كَالْمِيرَاثِ، وَيُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ وَمِيرَاثَ وَلَدِ الْأُمِّ؛ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ اُسْتُحِقَّتْ بِقَوْلِ الْمُوصِي، وَمِيرَاثُ وَلَدِ الْأُمِّ اُسْتُحِقَّ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يُسَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَالْمُزَنِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهُمْ أُعْطُوا بِاسْمِ الْقَرَابَةِ، وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهَا سَوَاءٌ.
فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَصَّى لِقَرَابَةِ فُلَانٍ، أَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَدَّ يَأْخُذُ مَعَ الْأَبِ، وَابْنَ الِابْنِ يَأْخُذُ مَعَ الِابْنِ؟ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مُخَالَفَةِ الْمَوَارِيثِ، وَلِأَنَّهُ سَهْمٌ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ لَجَمَاعَةٍ، فَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى كَسَائِرِ سِهَامِهِ، وَيَسْتَوِي بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْقَرَابَةِ، فَأَشْبَهَ الْمِيرَاثَ.
[الْفَصْلُ الرَّابِع فِي تَقْسِيم سَهْم ذَوِي الْقُرْبَى يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ]
(٥٠٨٦) الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ حَيْثُ كَانُوا مِنْ الْأَمْصَارِ، وَيَجِبُ تَعْمِيمُهُمْ بِهِ حَسْبَ الْإِمْكَانِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَخُصُّ أَهْلُ كُلِّ نَاحِيَةٍ بِخُمُسِ مَغْزَاهَا الَّذِي لَيْسَ لَهُمْ مَغْزَى سِوَاهُ، فَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَغْزَى الرُّومِ لِأَهْلِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَغْزَى التُّرْكِ لِمَنْ فِي خُرَاسَانَ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى؛ لِمَا يَلْحَقُ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي نَقْلِهِ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ، وَلِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ تَعْمِيمُهُمْ بِهِ، فَلَمْ يُحِبَّ، كَسَائِرِ أَهْلِ السَّهْمِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ سَهْمٌ مُسْتَحَقٌّ بِقَرَابَةِ الْأَبِ، فَوَجَبَ دَفْعُهُ إلَى جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ، كَالْمِيرَاثِ
فَعَلَى هَذَا يَبْعَثُ الْإِمَامُ إلَى عُمَّالِهِ فِي الْأَقَالِيمِ، وَيَنْظُرُ كَمْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَإِنْ اسْتَوَتْ فِيهِ، فَرَّقَ كُلَّ خُمُسٍ فِي مَنْ قَارَبَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute