، وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَسَائِرُ مَسَاجِدِ الْحَرَمِ، كَمَسْجِدِ مِنًى، وَفِي عَرَفَاتٍ أَيْضًا.
[فَصْل لَا يُلَبِّي بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّة]
(٢٣١١) فَصْلٌ: وَلَا يُلَبِّي بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ، فَلَا يُشْرَعُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، كَالْأَذَانِ وَالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الصَّلَاةِ.
[فَصْل لَا بَأْس بِالتَّلْبِيَةِ فِي طَوَاف الْقُدُوم]
(٢٣١٢) فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ بِالتَّلْبِيَةِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ. وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَدَاوُد، وَالشَّافِعِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُلَبِّي حَوْلَ الْبَيْتِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا رَأَيْنَا أَحَدًا يُقْتَدَى بِهِ يُلَبِّي حَوْلَ الْبَيْتِ إلَّا عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ، أَنَّهُ لَا يُلَبِّي. وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِي؛ لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِذِكْرٍ يَخُصُّهُ، فَكَانَ أَوْلَى.
وَلَنَا، أَنَّهُ زَمَنُ التَّلْبِيَةِ، فَلَمْ يُكْرَهْ لَهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ حَوْلَ الْبَيْتِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّلْبِيَةِ وَالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِي الطَّوَافِ. وَيُكْرَهُ لَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، لِئَلَّا يَشْغَلَ الطَّائِفِينَ عَنْ طَوَافِهِمْ وَأَذْكَارِهِمْ. وَإِذَا فَرَغَ مِنْ التَّلْبِيَةِ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَا بِمَا أَحَبَّ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ، سَأَلَ اللَّهَ مَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ، وَاسْتَعَاذَهُ بِرَحْمَتِهِ مِنْ النَّارِ» . وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ، أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ، فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ٤] . لَا أُذْكَرُ إلَّا ذُكِرْت مَعِي. وَلِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي شُرِعَ فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، شُرِعَ فِيهَا ذِكْرُ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ.
[فَصْل لَا بَأْس أَنْ يُلَبِّيَ الْحَلَّال]
(٢٣١٣) فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُلَبِّيَ الْحَلَالُ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَرِهَهُ مَالِكٌ.
وَلَنَا، أَنَّهُ ذِكْرٌ يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ، فَلَمْ يُكْرَهْ لِغَيْرِهِ، كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ.
[مَسْأَلَة الْمَرْأَة يُسْتَحَبّ لَهَا أَنَّ تَغْتَسِل عِنْد الْإِحْرَام]
(٢٣١٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْمَرْأَةُ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ؛) (لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَهِيَ نُفَسَاءُ أَنْ تَغْتَسِلَ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الِاغْتِسَالَ مَشْرُوعٌ لِلنِّسَاءِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، كَمَا يُشْرَعُ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ نُسُكٌ، وَهُوَ فِي حَقِّ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ آكَدُ؛ لِوُرُودِ الْخَبَرِ فِيهِمَا. قَالَ جَابِرٌ: حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute