للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: «لَمَّا نَزَلَ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى. ثَلَاثًا، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ» . وَعَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَجَدَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» . رَوَاهُنَّ ابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو دَاوُد، وَلَمْ يَقُلْ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ".

وَالْحُكْمُ فِي عَدَدِهِ وَتَطْوِيلِ السُّجُودِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الرُّكُوعِ.

[فَصْلٌ الزِّيَادَةُ عَلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى فِي السُّجُود]

(٧٢٨) فَصْلٌ: وَإِنْ زَادَ دُعَاءً مَأْثُورًا، أَوْ ذِكْرًا - مِثْلُ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ «. أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَا مُعَاذُ، إذَا وَضَعْتَ وَجْهَكَ سَاجِدًا فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى شُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» .

وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَحَبُّ الْكَلَامِ إلَى اللَّهِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ - وَهُوَ سَاجِدٌ -: رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ فِي " سُنَنِهِ ". وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجَلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَسِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ - فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ. وَقَدْ قَالَ: «وَأَمَّا السُّجُودُ فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» . حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى: " سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى " فِي الْفَرْضِ، وَفِي التَّطَوُّعِ رِوَايَتَانِ؛ لِأَنَّهُ، لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ سِوَى الْأَمْرِ بِالتَّسْبِيحِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْأَخْبَارَ الصَّحِيحَةَ، وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ، وَالْأَمْرُ بِالتَّسْبِيحِ لَا يَنْفِي الْأَمْرَ بِغَيْرِهِ، كَمَا أَنَّ أَمْرَهُ بِالتَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَنْفِ كَوْنَ الدُّعَاءِ مَشْرُوعًا، وَلَوْ سَاغَ كَوْنُ الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ نَافِيًا لِغَيْرِهِ لَكَانَ الْأَمْرُ بِالدُّعَاءِ نَافِيًا لِلتَّسْبِيحِ؛ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ بِهِ، وَفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ فِيهِ.

[مَسْأَلَة إذَا قَضَى سُجُودَهُ رَفَعَ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا وَجَلَسَ وَاعْتَدَلَ]

(٧٢٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا) يَعْنِي إذَا قَضَى سُجُودَهُ رَفَعَ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا، وَجَلَسَ، وَاعْتَدَلَ، وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ تَكْبِيرِهِ مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِهِ، وَانْتِهَاؤُهُ مَعَ انْتِهَائِهِ. وَهَذَا الرَّفْعُ وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ وَاجِبٌ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ بِوَاجِبٍ، بَلْ يَكْفِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِثْلَ حَدِّ السَّيْفِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ جَلْسَةُ فَصْلٍ بَيْنَ مُتَشَاكِلَيْنِ فَلَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً، كَجَلْسَةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>