[فَصْلٌ مَا قَتَلَتْهُ الشَّبَكَةُ أَوْ الْحَبْلُ فِي الصَّيْد]
(٧٧٢٩) فَصْلٌ: فَأَمَّا مَا قَتَلَتْهُ الشَّبَكَةُ أَوْ الْحَبْلُ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إلَّا عَنْ الْحَسَنِ، أَنَّهُ يُبَاحُ مَا قَتَلَهُ الْحَبْلُ إذَا سَمَّى، فَدَخَلَ فِيهِ وَجَرَحَهُ. وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ، يُخَالِفُ عَوَامَّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِالْبُنْدُقِ.
[مَسْأَلَةٌ الصَّيْد بِالْمِعْرَاضِ]
(٧٧٣٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا صَادَ بِالْمِعْرَاضِ، أَكَلَ مَا قَتَلَ بِحَدِّهِ، وَلَا يَأْكُلُ مَا قَتَلَ بِعَرْضِهِ) الْمِعْرَاضُ: عُودٌ مُحَدَّدٌ، وَرُبَّمَا جُعِلَ فِي رَأْسِهِ حَدِيدَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: الْمِعْرَاضُ يُشْبِهُ السَّهْمَ، يُحْذَفُ بِهِ الصَّيْدُ بِحَدِّهِ، فَرُبَّمَا خَرَقَ وَقَتَلَ، فَيُبَاحُ، وَرُبَّمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ، فَقَتَلَ بِثِقَلِهِ، فَيَكُونُ مَوْقُوذًا، فَلَا يُبَاحُ.
وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، وَعَمَّارٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَهْلُ الشَّامِ: يُبَاحُ مَا قَتَلَهُ بِحَدِّهِ وَعَرْضِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا رُمِيَ مِنْ الصَّيْدِ بجلاهق أَوْ مِعْرَاضٍ، فَهُوَ مِنْ الْمَوْقُوذَةِ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ.
وَلَنَا، مَا رَوَى عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ، فَقَالَ: مَا خَرَقَ فَكُلْ، وَمَا قَتَلَ بِعَرْضِهِ فَهُوَ وَقِيذٌ، فَلَا تَأْكُلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا نَصٌّ، وَلِأَنَّ مَا قَتَلَهُ بِحَدِّهِ بِمَنْزِلَةِ مَا طَعَنَهُ بِرُمْحِهِ، أَوْ رَمَاهُ بِسَهْمِهِ، وَلِأَنَّهُ مُحَدَّدٌ خَرَقَ وَقَتَلَ بِحَدِّهِ، وَمَا قَتَلَ بِعَرْضِهِ إنَّمَا يَقْتُلُهُ بِثِقَلِهِ. فَهُوَ مَوْقُوذٌ، كَاَلَّذِي رَمَاهُ بِحَجَرٍ أَوْ بِبُنْدُقَةٍ.
[فَصْلٌ حُكْمُ سَائِرَ آلَاتِ الصَّيْدِ]
(٧٧٣١) فَصْلٌ: قَالَ وَحُكْمُ سَائِرِ آلَاتِ الصَّيْدِ حُكْمُ الْمِعْرَاضِ، فِي أَنَّهَا إذَا قَتَلَتْ بِعَرْضِهَا وَلَمْ تَجْرَحْ، لَمْ يُبَحْ الصَّيْدُ، كَالسَّهْمِ يُصِيبُ الطَّائِرَ بِعَرْضِهِ فَيَقْتُلُهُ، وَالرُّمْحِ وَالْحَرْبَةِ وَالسَّيْفِ يُضْرَبُ بِهِ صَفْحًا فَيَقْتُلُ، فَكُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ. وَهَكَذَا إنْ أَصَابَ بِحَدِّهِ فَلَمْ يَجْرَحْ، وَقَتَلَ بِثِقَلِهِ، لَمْ يُبَحْ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا خَرَقَ، فَكُلْ» . وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجْرَحْهُ، فَإِنَّمَا يَقْتُلُهُ بِثِقَلِهِ، فَأَشْبَهَ مَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ.
[مَسْأَلَةٌ رَمَى صَيْدًا فَعَقَرَهُ وَرَمَاهُ آخَرُ فَأَثْبَتَهُ وَرَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ]
(٧٧٣٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا رَمَى صَيْدًا فَعَقَرَهُ، وَرَمَاهُ آخَرُ فَأَثْبَتَهُ، وَرَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ، لَمْ يُؤْكَلْ، وَكَانَ لِمَنْ أَثْبَتَهُ الْقِيمَةُ مَجْرُوحًا عَلَى قَاتِلِهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute