[فَصْلٌ فُرْقَةُ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح فَسْخ]
(٥٥١٧) فَصْلٌ: وَفُرْقَةُ الْخِيَارِ فَسْخٌ، لَا يَنْقُصُ بِهَا عَدَدُ الطَّلَاقِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. قِيلَ لِأَحْمَدَ: لِمَ لَا يَكُونُ طَلَاقًا؟ قَالَ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّجُلُ. وَلِأَنَّهَا فُرْقَةٌ لِاخْتِيَارِ الْمَرْأَةِ، فَكَانَتْ فَسْخًا، كَالْفَسْخِ لِعُنَّتِهِ أَوْ عَتَهِهِ.
[مَسْأَلَة أُعْتِقَ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ أَوْ وَطِئَهَا]
(٥٥١٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: فَإِنْ أَعْتَقَ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ، أَوْ وَطِئَهَا، بَطَلَ خِيَارُهَا، عَلِمَتْ أَنَّ الْخِيَارَ لَهَا أَوْ لَمْ تَعْلَمْ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ خِيَارَ الْمُعْتَقَةِ عَلَى التَّرَاخِي، مَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ؛ عِتْقِ زَوْجِهَا، أَوْ وَطْئِهِ لَهَا، وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا
وَمِمَّنْ قَالَ: إنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي؛ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأُخْتِهِ حَفْصَةَ وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَنَافِعٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ وَحَكَاهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ: لَهَا الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ
وَلِلشَّافِعِي ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ؛ أَظْهَرُهَا كَقَوْلِنَا. وَالثَّانِي، أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، كَخِيَارِ الشُّفْعَةِ. وَالثَّالِثُ، أَنَّهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَلَنَا، مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي " الْمُسْنَدِ "، بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: سَمِعْت رِجَالًا يَتَحَدَّثُونَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ، فَهِيَ بِالْخِيَارِ، مَا لَمْ يَطَأْهَا، إنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ، وَإِنْ وَطِئَهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ أَيْضًا.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد، «أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ وَهِيَ عِنْدَ مُغِيثٍ، عَبْدٍ لِآلِ أَبِي أَحْمَدَ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ لَهَا: إنْ قَرُبَك فَلَا خِيَارَ لَك» . وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ لِابْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ. وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ، فَثَبَتَ، كَخِيَارِ الْقِصَاصِ، أَوْ خِيَارٍ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فَأَشْبَهَ مَا قُلْنَا. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَمَتَى عَتَقَ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ، سَقَطَ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِالرِّقِّ، وَقَدْ زَالَ بِعِتْقِهِ، فَسَقَطَ، كَالْمَبِيعِ إذَا زَالَ عَيْبُهُ. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ وَطِئَهَا بَطَلَ خِيَارُهَا، عَلِمَتْ بِالْخِيَارِ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ وَإِنْ أُصِيبَتْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute