للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقٍّ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، فَإِنْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ، حَلَفَ مَعَهُ، وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ.

وَلَنَا مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا أَنْ يُفْدَى، أَوْ يُضْرَبَ عُنُقُهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إلَّا سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضَاءَ، فَإِنِّي سَمِعْته يَذْكُرُ الْإِسْلَامَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إلَّا سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضَاءَ» فَقَبِلَ شَهَادَةَ عَبْدَ اللَّهِ وَحْدَهُ.

[مَسْأَلَةٌ يُنَفِّلُ الْإِمَامُ وَمَنْ اسْتَخْلَفَهُ]

(٧٤٦٢) مَسْأَلَةٌ: (وَيُنَفِّلُ الْإِمَامُ وَمَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَدَأَتْهُ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَفِي رَجْعَتِهِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ) النَّفَلُ زِيَادَةٌ تُزَادُ عَلَى سَهْمِ الْغَازِي، وَمِنْهُ نَفْلُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ مَا زِيدَ عَلَى الْفَرْضِ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: ٧٢] . كَأَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ وَلَدًا، فَأَعْطَاهُ مَا سَأَلَ وَزَادَهُ وَلَدَ الْوَلَدِ، وَالْمُرَادُ بِالْبِدَايَةِ هَا هُنَا، ابْتِدَاءُ دُخُولِ الْحَرْبِ، وَالرَّجْعَةِ رُجُوعُهُ عَنْهَا.

وَالنَّفَلُ فِي الْغَزْوِ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا، هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ غَازِيًا، بَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَرِيَّةً تُغِيرُ عَلَى الْعَدُوِّ، وَيَجْعَلُ لَهُمْ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، فَمَا قَدِمَتْ بِهِ السَّرِيَّةُ مِنْ شَيْءٍ، أَخْرَجَ خُمُسَهُ، ثُمَّ أَعْطَى السَّرِيَّةَ مَا جَعَلَ لَهُمْ، وَهُوَ رُبْعُ الْبَاقِي، وَذَلِكَ خُمُسٌ آخَرُ، ثُمَّ قَسَمَ مَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وَالسَّرِيَّةُ مَعَهُ. فَإِذَا قَفَلَ، بَعَثَ سَرِيَّةً تُغِيرُ، وَجَعَلَ لَهُمْ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ، فَمَا قَدِمَتْ بِهِ السَّرِيَّةُ أَخْرَجَ خُمُسَهُ، ثُمَّ أَعْطَى السَّرِيَّةَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ، ثُمَّ قَسَمَ سَائِرَهُ فِي الْجَيْشِ وَالسَّرِيَّةُ مَعَهُ. وَبِهَذَا قَالَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَالْحَسَنُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَا نَفْلَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَلَعَلَّهُ يَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: ١] فَخَصَّهُ بِهَا، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمَالِكٌ يَقُولَانِ: لَا نَفْلَ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُخْرَجُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ «، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. فَغَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً، فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَعْطَاهُمْ مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ الَّتِي هِيَ لَهُمْ، لَمْ يَكُنْ نَفْلًا، وَكَانَ مِنْ سِهَامِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>