للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الزَّوْجَ مَاتَ بَعْدَ الْمَوْلَى. وَقِيلَ: إنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْضًا. وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَحْوَطُ. فَأَمَّا الْمِيرَاثُ، فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ مِنْ زَوْجِهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الرِّقُّ، وَالْحُرِّيَّةُ مَشْكُوكٌ فِيهَا، فَلَمْ تَرِثْ مَعَ الشَّكِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِرْثِ وَالْعِدَّةِ، أَنَّ إيجَابَ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا اسْتِظْهَارٌ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى غَيْرِهَا، وَإِيجَابَ الْإِرْثِ إسْقَاطٌ لِحَقِّ غَيْرِهَا، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، فَلَا يَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمِيرَاثِ لَهَا، فَلَا تَرِثُ إلَّا بِيَقِينٍ.

فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَيْسَ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ لَوْ مَاتَتْ وُقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهَا مَعَ الشَّكِّ فِي إرْثِهِ؟ قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَصْلَ هَاهُنَا الرِّقُّ، وَالشَّكُّ فِي زَوَالِهِ وَحُدُوثِ الْحَالِ الَّتِي يَرِثُ فِيهَا، وَالْمَفْقُودُ الْأَصْلُ حَيَاتُهُ، وَالشَّكُّ فِي مَوْتِهِ وَخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا، فَافْتَرَقَا.

[مَسْأَلَة أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ أَمَةً كَانَ يُصِيبُهَا فَمَا عُدْتهَا]

(٦٣٧٢) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ، أَوْ أَمَةً كَانَ يُصِيبُهَا) ، (لَمْ تَنْكِحْ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً كَامِلَةً، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ، ثُمَّ زَوَّجَهَا) لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ هَاهُنَا بِحَيْضَةٍ فِي ذَاتِ الْقُرُوءِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ، فِي مَنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ أَمَةٍ كَانَ يُصِيبُهَا. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَيْسَ عَلَيْهَا اسْتِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهَا، فَكَانَ لَهُ تَزْوِيجُهَا، كَاَلَّتِي لَا يُصِيبُهَا. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ: عِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ، كَعِدَّةِ الْأَمَةِ الْمُطَلَّقَةِ.

وَلَنَا أَنَّهَا فِرَاشٌ لِسَيِّدِهَا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَنْتَقِلَ إلَى فِرَاشِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ، كَمَا لَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَلِأَنَّ هَذِهِ مَوْطُوءَةٌ وَطْئًا لَهُ حُرْمَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، وَهَذَا لِأَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا سَيِّدُهَا الْيَوْمَ، ثُمَّ زَوَّجَهَا، فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ فِي آخِرِ الْيَوْمِ، أَفْضَى إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ، وَامْتِزَاجِ الْأَنْسَابِ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ، وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ؛ فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ بِهِ فِرَاشًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُشْتَرِيهَا وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، فَلَا يُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ، وَلِهَذَا يَصِحُّ فِي الْمُعْتَدَّةِ وَالْمُزَوَّجَةِ، بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ.

[فَصْلٌ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَوَات الْقُرُوءِ فَمَا هِيَ عِدَّتُهَا]

(٦٣٧٣) فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْقُرُوءِ، فَاسْتِبْرَاؤُهَا بِمَا ذَكَرْنَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ، عَلَى مَا شَرَحْنَا. وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَمَةً لَا يَطَؤُهَا سَيِّدُهَا، لَمْ يَلْزَمْهَا اسْتِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لِسَيِّدِهَا، فَلَمْ يَلْزَمْهَا الِاسْتِبْرَاءُ، كَالْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ، وَلِأَنَّ تَرْكَهَا بِالِاسْتِبْرَاءِ لَا يُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ، وَامْتِزَاجِ الْأَنْسَابِ، بِخِلَافِ الْمَوْطُوءَةِ.

[فَصْلٌ مَاتَ عَنْ أَمَةٍ كَانَ يُصِيبُهَا فَمَا هِيَ عِدَّتُهَا]

(٦٣٧٤) فَصْلٌ: وَإِنْ مَاتَ عَنْ أَمَةٍ كَانَ يُصِيبُهَا، فَاسْتِبْرَاؤُهَا بِمَا ذَكَرْنَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لِسَيِّدِهَا، فَأَشْبَهَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>