أَحَدُهُمَا، فِي آخِرِ الْيَوْمِ. وَالثَّانِي، بَعْدَ خُرُوجِهِ. وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ، إنْ لَمْ أُطَلِّقْك. فَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ، إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ. لِأَنَّهُ جَعَلَ عَدَمَ طَلَاقِهَا شَرْطًا لِطَلَاقِهَا الْيَوْمَ، وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ الْمَشْرُوطَ.
(٥٩٤٩) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: [إنْ] لَمْ أَبِعْك الْيَوْمَ، فَامْرَأَتِي طَالِقٌ الْيَوْمَ. وَلَمْ يَبِعْهُ حَتَّى خَرَجَ الْيَوْمُ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ، أَوْ مَاتَ، أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ، أَوْ الْمَرْأَةُ، فِي الْيَوْمِ، طَلَقَتْ زَوْجَتُهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ بَيْعُهُ، وَإِنْ دَبَّرَهُ، أَوْ كَاتَبَهُ، لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ. وَمَنْ مَنَعَ بَيْعَهُمَا قَالَ: يَقَعُ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ، كَمَا لَوْ مَاتَ. وَإِنْ وَهَبَ الْعَبْدَ لَإِنْسَانٍ، لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ عَوْدُهُ إلَيْهِ، فَيَبِيعُهُ، فَلَمْ يَفُتْ بَيْعُهُ. وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَبِعْ عَبْدِي، فَامْرَأَتِي طَالِقٌ. وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْيَوْمِ، فَكَاتَبَ الْعَبْدَ، لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ عَجْزُهُ، فَلَمْ يُعْلَمْ فَوَاتُ الْبَيْعِ، فَإِنْ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ، لِأَنَّهُ فَاتَ بَيْعُهُ.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ) . (وَقَعَ بِهَا الثَّلَاثُ فِي الْحَالِ، إذَا كَانَ مَدْخُولًا بِهَا) إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ} [المؤمنون: ٤٤] . وَقَالَ: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: ٣٨] . فَيَقْتَضِي تَكْرَارَ الطَّلَاقِ بِتَكَرُّرِ الصِّفَةِ، وَالصِّفَةُ عَدَمُ تَطْلِيقِهِ لَهَا، فَإِذَا مَضَى بَعْدَ يَمِينِهِ زَمَنٌ يُمْكِنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ، فَلَمْ يُطَلِّقْهَا، فَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ، فَيَقَعُ طَلْقَةٌ، وَتَتْبَعُهَا الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ، إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا، بَانَتْ بِالْأُولَى، وَلَمْ يَلْزَمْهَا مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ.
فَأَمَّا إنْ قَالَ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ. أَوْ: مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ. أَوْ: أَيَّ وَقْتٍ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً، وَلَا يَتَكَرَّرُ إلَّا عَلَى قَوْل أَبِي بَكْرٍ فِي " مَتَى "، فَإِنَّهُ يَرَاهَا لِلتَّكْرَارِ، فَيَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ بِهَا مِثْلُ " كُلَّمَا " إلَّا أَنَّ " مَتَى " و " أَيَّ وَقْتٍ " يَقْتَضِيَانِ الطَّلَاقَ عَلَى الْفَوْرِ فَمَتَى مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ، وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ. وَأَمَّا " إذَا " فَفِيهَا وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، هِيَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهَا اسْمُ وَقْتٍ فَهِيَ كَمَتَى. وَالثَّانِي، أَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّهَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الشَّرْطِ، فَهِيَ كَإِنْ. فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَلَمْ يَنْوِ وَقْتًا، لَمْ تَطْلُقْ إلَّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا.
وَإِنْ قَالَ: مَتَى لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute