شَهِدَتْ بِالْوَصِيَّةِ بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهِيَ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ، ثَبَتَتْ الْوَصِيَّتَانِ، سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهَا سَوَاءً أَوْ مُخْتَلِفَةً فَيُعْتَقَانِ إنْ لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ، أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَيَعْتِقُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، وَيَعْتِقُ تَمَامُ الثُّلُثِ مِنْ الْآخَرِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى أَوْ اسْتَوَتَا؛ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ وَالْمُتَأَخِّرَ مِنْ الْوَصَايَا سَوَاءٌ.
[فَصْل شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ أَنَّهُ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ]
(٨٥٣١) فَصْلٌ: وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ، أَنَّهُ وَصَّى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ، وَوَصَّى لِعَمْرٍو بِثُلُثِ مَالِهِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ ثَالِثَةٌ، أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ لِعَمْرٍو، وَوَصَّى لِبَكْرٍ بِثُلُثِ مَالِهِ صَحَّتْ الشَّهَادَاتُ كُلُّهَا، وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِبَكْرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي حَقِّهِمْ. وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ، لَمْ تُفِدْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ وَصِيَّةِ زَيْدٍ، وَهِيَ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ. فَعَلَى هَذَا، تَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ لِعَمْرٍو.
وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ شَهِدَتْ بِالْوَصِيَّةِ لِعَمْرٍو. وَلَمْ تَشْهَدْ بِالرُّجُوعِ عَنْ وَصِيَّةِ زَيْدِ، فَشَهِدَتْ الثَّالِثَةُ بِالرُّجُوعِ عَنْ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ لَا بِعَيْنِهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُعَيِّنَا الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، يَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ لِهَذَا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ أَلْفًا. أَوْ أَنَّ لِأَحَدِ هَذَيْنِ عَلَى هَذَا أَلْفًا، يَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَ الْجَمِيعِ أَثْلَاثًا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ قُرْعَةُ الرُّجُوعِ عَنْ وَصِيَّتِهِ، بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي مُوسَى. وَإِذَا صَحَّ الرُّجُوعُ عَنْ إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ تَعْيِينٍ، صَحَّتْ الشَّهَادَةُ بِهِ كَذَلِكَ. وَوَجْهُ ذَلِكَ، أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ أَوْ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ فِيهَا بِالْمَجْهُولِ فَجَازَتْ فِي الرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمَرْجُوعِ عَنْ وَصِيَّتِهِ.
[فَصْل الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ هَلْ يُعَارِضُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ لَا]
(٨٥٣٢) فَصْلٌ: وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ وَصَّى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَشَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ وَصَّى لِعَمْرٍو بِثُلُثِ مَالِهِ، انْبَنِي هَذَا عَلَى أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ هَلْ يُعَارِضُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يُعَارِضُهُمَا فَيَحْلِفُ عَمْرٌو مَعَ شَاهِدِهِ، وَيُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ حُجَّةٌ فِي الْمَالِ، فَأَشْبَهَ الشَّاهِدَيْنِ. وَالثَّانِي، لَا يُعَارِضُهُمَا؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ أَقْوَى، فَيُرَجَّحَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. فَعَلَى هَذَا، يَنْفَرِدُ زَيْدٌ بِالثُّلُثِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute