يُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ، فَتُعْتَبَرُ حَالُهُ حِينَئِذٍ، لَا حِينَ سَبَبِ الْمَوْتِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَرِضَ وَهُوَ عَبْدٌ كَافِرٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ، وَالْوَاجِبُ بَدَلُ الْمَحَلِّ، فَيُعْتَبَرُ بِالْمَحَلِّ الَّذِي فَاتَ بِهَا، فَيَجِبُ بِقَدْرِهِ، وَقَدْ فَاتَ بِهَا نَفْسُ حُرٍّ مُسْلِمٍ، وَالْقِصَاصُ جَزَاءُ الْفِعْلِ، فَيُعْتَبَرُ الْفِعْلُ فِيهِ وَالْإِصَابَةُ مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا طَرَفَاهُ، فَلِذَلِكَ، لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ.
(٦٦٦٣) فَصْلٌ: وَلَمْ يُفَرِّقْ الْخِرَقِيِّ بَيْنَ كَوْنِ الْكَافِرِ ذِمِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ، إلَّا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ التَّفْرِيقُ فِيهِ، فَمَتَى رَمَى إلَى حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِ الرَّمْيَةِ بِهِ، فَلَا دِيَةَ لَهُ، وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ رَمْيٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، مَأْمُورٌ بِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَكَتَمَ إسْلَامَهُ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ خَطَأٍ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا. وَلَوْ رَمَى مُرْتَدًّا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ السَّهْمُ بِهِ، ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِإِرْسَالِ سَهْمِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْمُرْتَدِّ إلَى الْإِمَامِ، لَا إلَى آحَادِ النَّاسِ، وَقَتْلُهُ بِالسَّيْفِ لَا بِالسَّهْمِ.
[فَصْلٌ رَمَى حَرْبِيًّا فَتَتَرُّسَ بِمُسْلِمِ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ]
(٦٦٦٤) فَصْلٌ: وَلَوْ رَمَى حَرْبِيًّا، فَتَتَرَّسَ بِمُسْلِمٍ، فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَ تَتَرَّسَ بِهِ بَعْدَ الرَّمْيِ، فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَفِي الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّامِي رِوَايَتَانِ، كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَإِنْ تَتَرَّسَ بِهِ قَبْلَ الرَّمْيِ، لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ، إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَيَرْمِيَ الْكَافِرَ، وَلَا يَقْصِدُ الْمُسْلِمَ، فَإِذَا قَتَلَهُ، فَفِي دِيَتِهِ أَيْضًا رِوَايَتَانِ، وَإِنْ رَمَاهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَتَلَهُ، فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ رَمْيُهُ.
[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ ثُمَّ أُعْتِقَ وَمَاتَ أَوْ يَدَ ذِمِّيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ]
(٦٦٦٥) فَصْلٌ: وَلَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ، ثُمَّ أُعْتِقَ وَمَاتَ، أَوْ يَدَ ذِمِّيٍّ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْوَاجِبُ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ، لِوَرَثَتِهِ وَلِسَيِّدِهِ مِنْهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ دِيَتِهِ أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، اعْتِبَارًا بِحَالِ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ: تَجِبُ قِيمَةُ الْعَبْدِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، مَصْرُوفَةً إلَى السَّيِّدِ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهَا الْمُوجِبَةُ لِلضَّمَانِ، فَاعْتُبِرَتْ حَالَ وُجُودِهَا. وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمَا ضَمَانُ الذِّمِّيِّ الَّذِي أَسْلَمَ بِدِيَةِ ذِمِّيٍّ، وَيَلْزَمُهُمَا عَلَى هَذَا أَنْ يَصْرِفَاهَا إلَى وَرَثَتِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ مُسْتَحَقَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute