وَإِنْ كَانَتْ مُرَكَّبَةً عَلَى حَائِطِهِ، وَجَبَ نِصْفُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِمَا وَضَعَهُ عَلَى مِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْره، فَانْقَسَمَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا.
وَلَنَا، أَنَّهُ تَلِفَ بِمَا أَخْرَجَهُ إلَى حَقِّ الطَّرِيقِ، فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ بَنَى حَائِطَهُ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ فَأَتْلَفَ، أَوْ أَقَامَ خَشَبَةً فِي مِلْكِهِ مَائِلَةً إلَى الطَّرِيقِ، أَوْ كَمَا لَوْ سَقَطَتْ الْخَشَبَةُ الَّتِي لَيْسَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى الْحَائِطِ، وَلِأَنَّهُ إخْرَاجٌ يَضْمَنُ بِهِ الْبَعْضَ، فَضَمِنَ بِهِ الْكُلَّ، كَاَلَّذِي ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّهُ تَلِفَ بِعُدْوَانِهِ، فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ وَضَعَ الْبِنَاءَ عَلَى أَرْضِ الطَّرِيقِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى عُدْوَانِهِ، وُجُوبُ ضَمَانِ الْبَعْضِ، وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا لَمْ يَضْمَنْ بِهِ، كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ خَشَبَةٌ، لَوْ انْقَصَفَ الْخَارِجُ مِنْهَا، وَسَقَطَ فَأَتْلَفَ، ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ، فَيَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ مَا أَتْلَفَ جَمِيعُهَا، كَسَائِرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ الضَّمَانُ فِيهَا، وَلِأَنَّنَا لَمْ نَعْلَمْ مَوْضِعًا يَجِبُ الضَّمَانُ كُلُّهُ بِبَعْضِ الْخَشَبَةِ، وَيَجِبُ نِصْفُهُ بِجَمِيعِهَا.
وَإِنْ كَانَ إخْرَاجُ الْجَنَاحِ إلَى دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ، ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِمْ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ. (٦٨٨٣) فَصْلٌ: وَإِنْ أَخْرَجَ مِيزَابًا إلَى الطَّرِيقِ، فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ أَوْ شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ، ضَمِنَهُ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِإِخْرَاجِهِ، فَلَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ، كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ إلَى مِلْكِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ سَقَطَ كُلُّهُ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِمَا وَضَعَهُ عَلَى مِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ. وَإِنْ انْقَصَفَ الْمِيزَابُ، فَسَقَطَ مِنْهُ مَا خَرَجَ عَنْ الْحَائِطِ، ضَمِنَ جَمِيعَ مَا تَلِفَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ. وَلَنَا، مَا سَبَقَ فِي الْجَنَاحِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ إخْرَاجَهُ مُبَاحٌ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ إلَى هَوَاءِ مِلْكِ غَيْرِهِ شَيْئًا يَضُرُّ بِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ إلَى مِلْكِ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَأَمَّا إنْ أَخْرَجَ إلَى مِلْكِ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ شَيْئًا مِنْ جَنَاحٍ، أَوْ سَابَاطٍ، أَوْ مِيزَابٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَهُوَ مُتَعَدٍّ، وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ. لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
[فَصْلٌ بَالَتْ دَابَّتُهُ فِي طَرِيق فَزَلَقَ بِهِ حَيَوَانٌ فَمَاتَ بِهِ]
(٦٨٨٤) فَصْلٌ: وَإِذَا بَالَتْ دَابَّتُهُ فِي طَرِيقٍ، فَزَلِقَ بِهِ حَيَوَانٌ، فَمَاتَ بِهِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ الضَّمَانُ، إذَا كَانَ رَاكِبًا لَهَا، أَوْ قَائِدًا، أَوْ سَائِقًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ تَلَفٌ حَصَلَ مِنْ جِهَةِ دَابَّتِهِ الَّتِي يَدُهُ عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ جَنَتْ بِيَدِهَا أَوْ فَمِهَا. وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ، أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، فَلَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَتْ بِرِجْلِهَا، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَدٌ عَلَيْهَا، وَيُفَارِقُ هَذَا مَا أَتْلَفَتْ بِيَدِهَا وَفَمِهَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ حِفْظُهُمَا.
[فَصْلٌ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى سَطْحِهِ أَوْ حَائِطِهِ أَوْ حَجَرًا فَرَمَتْهُ الرِّيحُ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ أَوْ شَيْءٍ أَتْلَفَهُ]
(٦٨٨٥) فَصْلٌ: وَإِذَا وَضَعَ جَرَّةً عَلَى سَطْحِهِ أَوْ حَائِطِهِ، أَوْ حَجَرًا، فَرَمَتْهُ الرِّيحُ عَلَى إنْسَانٍ، فَقَتَلَهُ، أَوْ شَيْءٍ أَتْلَفَهُ، لَمْ يَضْمَنْ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute