للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي: مَا ذَبَحَهُ الْكِتَابِيُّ لِعِيدِهِ أَوْ نَجْمٍ أَوْ صَنَمٍ أَوْ نَبِيٍّ، فَسَمَّاهُ عَلَى ذَبِيحَتِهِ، حَرُمَ؛ {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: ٣] . وَإِنْ سَمَّى اللَّهَ وَحْدَهُ، حَلَّ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١١٨] . لَكِنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِقَصْدِهِ بِقَلْبِهِ الذَّبْحَ لِغَيْرِ اللَّهِ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يُؤْكَلُ مَا قُتِلَ بِالْبُنْدُقِ أَوْ الْحَجَرِ]

مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يُؤْكَلُ مَا قُتِلَ بِالْبُنْدُقِ أَوْ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوذٌ) يَعْنِي الْحَجَرَ الَّذِي لَا حَدَّ لَهُ، فَأَمَّا الْمُحَدَّدُ كَالصَّوَّانِ، فَهُوَ كَالْمِعْرَاضِ، إنْ قُتِلَ بِحَدِّهِ أُبِيحَ، وَإِنْ قُتِلَ بِعَرْضِهِ أَوْ ثِقَلِهِ فَهُوَ وَقِيذٌ لَا يُبَاحُ. وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ، فِي الْمَقْتُولَةِ بِالْبُنْدُقِ: تِلْكَ الْمَوْقُوذَةُ.

وَكَرِهَ ذَلِكَ سَالِمٌ، وَالْقَاسِمُ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَرَخَّصَ فِيمَا قُتِلَ بِهَا ابْنُ الْمُسَيِّبِ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَمَّارٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَالْمَوْقُوذَةُ} [المائدة: ٣]

وَرَوَى سَعِيدٌ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عَدِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَا تَأْكُلْ مِنْ الْبُنْدُقَةِ إلَّا مَا ذَكَّيْت» . وَقَالَ فِي الْمِعْرَاضِ: «إذَا أُصِيبَ بِعَرْضِهِ، فَقَتَلَ، فَإِنَّهُ وَقِيذٌ» . وَقَالَ عُمَرُ: لِيَتَّقِ أَحَدُكُمْ أَنْ يَحْذِفَ الْأَرْنَبَ بِالْعَصَا وَالْحَجَرِ. ثُمَّ قَالَ: وَلْيُذَكِّ لَكُمْ الْأَسَلُ؛ الرِّمَاحُ وَالنَّبْلُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَسَوَاءٌ شَدَخَهُ أَوْ لَمْ يَشْدَخْهُ، حَتَّى لَوْ رَمَاهُ بِبُنْدُقَةٍ فَقَطَعَتْ حُلْقُومَ طَائِرٍ وَمَرِيئَهُ، أَوْ أَطَارَتْ رَأْسَهُ، لَمْ يَحِلَّ. وَكَذَلِكَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِحَجَرٍ غَيْرِ مُحَدَّدٍ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَذَبِيحَتُهُ]

(٧٧٥٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمَجُوسِيِّ وَذَبِيحَتُهُ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ حُوتٍ فَإِنَّهُ لَا ذَكَاةَ لَهُ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ صَيْدِ الْمَجُوسِيِّ وَذَبِيحَتِهِ، إلَّا مَا لَا ذَكَاةَ لَهُ، كَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ، فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى إبَاحَتِهِ، غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا، وَاللَّيْثَ، وَأَبَا ثَوْرٍ، شَذُّوا عَنْ الْجَمَاعَةِ، وَأَفْرَطُوا؛ فَأَمَّا مَالِكٌ وَاللَّيْثُ فَقَالَا: لَا نَرَى أَنْ يُؤْكَلَ الْجَرَادُ إذَا صَادَهُ الْمَجُوسِيُّ. وَرَخَّصَا فِي السَّمَكِ وَأَبُو ثَوْرٍ أَبَاحَ صَيْدَهُ وَذَبِيحَتَهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . وَلِأَنَّهُمْ يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، فَيُبَاحُ صَيْدُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ، كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَهَذَا قَوْلٌ يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: خَرَقَ أَبُو ثَوْرٍ الْإِجْمَاعَ.

قَالَ أَحْمَدُ: هَاهُنَا قَوْمٌ لَا يَرَوْنَ بِذَبَائِحِ الْمَجُوسِ بَأْسًا، مَا أَعْجَبَ هَذَا يُعَرِّضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>