كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ تَحْتَ كَافِرٍ. ثُمَّ يُنْظَرُ؛ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ، فَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الْمُرْتَدَّ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ جِهَتِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَ، وَإِنْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ فَاسِدَةً، فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ.
[مَسْأَلَة ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الدُّخُولِ]
(٥٤٧٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا. وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدُّ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَلَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، انْفَسَخَ النِّكَاحُ مُنْذُ اخْتَلَفَ الدِّينَانِ) اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، فِيمَا إذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الدُّخُولِ، حَسْبَ اخْتِلَافِهَا فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ، فَفِي إحْدَاهُمَا تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَزُفَرَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ فَسْخَ النِّكَاحِ اسْتَوَى فِيهِ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، كَالرَّضَاعِ. وَالثَّانِيَةِ، يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى انْقَضَتْ، بَانَتْ مُنْذُ اخْتَلَفَ الدِّينَانِ
وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ تَقَعُ بِهِ الْفُرْقَةُ، فَإِذَا وُجِدَ بَعْدَ الدُّخُولِ، جَازَ أَنْ يَقِفَ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ بَعْدَ الْإِصَابَةِ، فَلَا يُوجِبُ فَسْخَهُ فِي الْحَالِ، كَإِسْلَامِ الْحَرْبِيَّةِ تَحْتَ الْحَرْبِيِّ، وَقِيَاسُهُ، عَلَى إسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَقْرَبُ مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الرَّضَاعِ. فَأَمَّا النَّفَقَةُ، فَإِنْ قُلْنَا بِتَعْجِيلِ الْفُرْقَةِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ
وَإِنْ قُلْنَا: يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمُرْتَدَّةَ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِلزَّوْجِ إلَى رَجْعَتِهَا، وَتَلَافِي نِكَاحِهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةُ، كَمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ. وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ، فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِلْعِدَّةِ، لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِأَنْ يُسْلِمَ، وَيُمْكِنُهُ تَلَافِي نِكَاحِهَا، فَكَانَتْ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ، كَزَوْجِ الرَّجْعِيَّةِ.
[فَصْلٌ ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ مَعًا]
(٥٤٨٠) فَصْلٌ: فَإِنْ ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ مَعًا، فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ مَا لَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا؛ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ تَعَجَّلَتْ الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَهَلْ تَتَعَجَّلُ، أَوْ يَقِفُ عَلَى انْقِضَاء الْعِدَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: إذَا ارْتَدَّا مَعًا، أَوْ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ تَابَا، أَوْ تَابَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهِمَا الدِّينُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَسْلَمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute