وَلَنَا، أَنَّهُ فِعْلُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَقَوْلُهُمْ. قَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْعِيدِ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ، وَيُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ. وَقَالَ أَبُو جَمِيلَةَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَلَمْ يَزَلْ يُكَبِّرُ حَتَّى انْتَهَى إلَى الْجَبَّانَةِ. فَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَكَانَ يَقُولُ: يُكَبِّرُونَ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَا يُكَبِّرُونَ وَحْدَهُمْ. وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِهِمْ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى؛ لِمَا ذَكَرْنَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ. قَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْجَهْرِ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى، أَوْ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ؟ قَالَ: حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى. وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ.
[فَصْلٌ خُرُوجُ النِّسَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ إلَى الْمُصَلَّى]
(١٤٠٨) فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ بِخُرُوجِ النِّسَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ إلَى الْمُصَلَّى. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، أَنَّهُمَا قَالَا: حَقٌّ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ أَنْ تَخْرُجَ إلَى الْعِيدَيْنِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخْرِجُ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْ أَهْلِهِ فِي الْعِيدَيْنِ.
وَرَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى: الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَفْظُ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، قَالَتْ: «كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ، حَتَّى تَخْرُجَ الْبِكْرُ مِنْ خِدْرِهَا، وَحَتَّى يَخْرُجَ الْحُيَّضُ فِيكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ» .
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ فِي بَيْتٍ، فَأَرْسَلَ إلَيْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، فَسَلَّمَ، فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْكُنَّ، وَأَمَرَنَا بِالْعِيدَيْنِ أَنْ نُخْرِجَ فِيهِمَا الْحُيَّضَ وَالْعُتَّقَ، وَلَا جُمُعَةَ عَلَيْنَا، وَنَهَانَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ» . رَوَاهُ. أَبُو دَاوُد.
وَقَالَ الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ.
وَكَرِهَهُ النَّخَعِيُّ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَقَالَا: لَا نَعْرِفُ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ فِي الْعِيدَيْنِ عِنْدَنَا. وَكَرِهَهُ سُفْيَانُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَرَخَّصَ أَهْلُ الرَّأْيِ لِلْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ، وَكَرِهُوهُ لِلشَّابَّةِ؛ لِمَا فِي خُرُوجِهِنَّ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَقَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute