اثْنَيْنِ، وَالثَّالِثَ وَاحِدًا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَيُعَايَا بِهَا، فَيُقَالُ: أَيْنَ تَجِدُونَ فَذًّا انْفِرَادُهُ أَفْضَلُ؟ وَلَا أَحْسَبُ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحًا، فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِ كِتَابِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَأَحْمَدُ قَدْ صَارَ إلَى خِلَافِهِ، وَكَرِهَ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ صَفًّا، وَلَوْ عَلِمَ أَحْمَدُ فِي هَذَا حَدِيثًا لَمْ يَعْدُهُ إلَى غَيْرِهِ.
وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ اثْنَيْنِ صَفًّا.
[فَصْلٌ تَسْوِيَةُ الصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ]
(١٥٧٠) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ تَسْوِيَةُ الصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَقِيلَ لِعَطَاءٍ: أُخِذَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَصُفُّوا عَلَى الْجِنَازَةِ كَمَا يَصُفُّونَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: لَا، قَوْمٌ يَدْعُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ وَلَمْ يُعْجِبْ أَحْمَدَ، قَوْلُ عَطَاءٍ هَذَا. وَقَالَ يُسَوُّونَ صُفُوفَهُمْ، فَإِنَّهَا صَلَاةٌ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، فَالْتَفَتَ، فَقَالَ اسْتَوُوا لِتَحْسُنَ شَفَاعَتُكُمْ.
[فَصْلٌ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ]
(١٥٧١) فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يُخَفْ تَلْوِيثُهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» مِنْ الْمُسْنَدِ.
وَلَنَا مَا رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَتْ عَائِشَةُ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مُرُّوا بِهِ عَلَيَّ حَتَّى أَدْعُوَ لَهُ. فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ، مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ.
وَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَحَدِيثُهُمْ يَرْوِيهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَا يَقْبَلُ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا لِضَعْفِهِ، لِأَنَّهُ اخْتَلَطَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ مَا رَوَاهُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ خَاصَّةً، ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الِانْفِجَارُ، وَتَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute