للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ مِقْدَارُ مَا يُعْطَى كُلُّ مِسْكِينٍ وَجِنْسُهُ مِنْ الْكَفَّارَة]

(٨٠٢١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ دَقِيقٍ، أَوْ رِطْلَانِ خُبْزًا، أَوْ مُدَّانِ تَمْرًا أَوْ شَعِيرًا) أَمَّا مِقْدَارُ مَا يُعْطَى كُلُّ مِسْكِينٍ وَجِنْسُهُ، فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الظِّهَارِ. وَنَصَّ الْخِرَقِيِّ عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ الدَّقِيقُ وَالْخُبْزُ. وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَيْهِ أَيْضًا. وَرُوِيَ عَنْهُ، لَا يُجْزِئُ الْخُبْزُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَقَالَ: لَا يُجْزِئُهُ دَقِيقٌ وَلَا سَوِيقٌ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حَالَةِ الْكَمَالِ وَالِادِّخَارِ وَلَا يُجْزِئُ فِي الزَّكَاةِ، فَلَمْ يُجْزِئْ فِي الْكَفَّارَةِ، كَالْقِيمَةِ.

وَلَنَا؛ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: ٨٩] . وَهَذَا قَدْ أَطْعَمَهُمْ مِنْ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ أَهْلَهُ، فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَهُ. رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] . قَالَ: الْخُبْزُ وَاللَّبَنُ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، قَالَ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] . الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ، وَالْخُبْزُ وَالزَّيْتُ، وَالْخُبْزُ وَالسَّمْنُ.

وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] : خُبْزٌ وَزَيْتٌ وَخَلٌّ. وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ. وَعَنْ عَلِيٍّ. الْخُبْزُ: وَالتَّمْرُ، الْخُبْزُ وَالسَّمْنُ، الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ. وَعَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: أَفْضَلُهُ الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ، وَأَوْسَطُهُ الْخُبْزُ وَالسَّمْنُ، وَأَخَسُّهُ الْخُبْزُ وَالتَّمْرُ. وَقَالَ عُبَيْدَةَ الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ.

وَسَأَلَ رَجُلٌ شُرَيْحًا مَا أَوْسَطُ طَعَامِ أَهْلِي؟ فَقَالَ شُرَيْحٌ إنَّ الْخُبْزَ وَالْخَلَّ وَالزَّيْتَ لَطَيِّبٌ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَفَرَأَيْت الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ؟ قَالَ: أَرْفَعُ طَعَامِ أَهِلَك، وَطَعَامِ النَّاسِ؟ وَعَنْ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ يُغَدِّيهِمْ أَوْ يُعَشِّيهِمْ. وَهَذَا اتِّفَاقٌ عَلَى تَفْسِيرِ مَا فِي الْآيَةِ بِالْخُبْزِ، وَلِأَنَّهُ أَطْعَمَ الْمَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ طَعَامِ أَهْلِهِ، فَأَجْزَأَهُ، كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ حَبًّا، وَيُفَارِقُ الزَّكَاةَ مِنْ وَجْهَيْنِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>