للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، أَنَّ أَحَدَهُمَا يَبْقَى لَهُ مِنْ رِبْحِ مَالِهِ النِّصْفُ، وَالْآخَرَ يَبْقَى لَهُ الثُّلُثَانِ. فَإِذَا اشْتَرَطَا التَّسَاوِي فَقَدْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ جُزْءًا مِنْ رِبْحِ مَالِهِ بِغَيْرِ عَمَلٍ، فَلَمْ يَجُزْ. كَمَا لَوْ شَرَطَ رِبْحَ مَالِهِ الْمُنْفَرِدِ.

[فَصْلٌ شَرْطًا فِي الْمُضَارَبَة جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ لِغَيْرِ الْعَامِلِ]

(٣٦٥٥) فَصْلٌ: وَإِذَا شَرَطَا جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ لِغَيْرِ الْعَامِلِ نَظَرْت؛ فَإِنْ شَرَطَاهُ لِعَبْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ لِعَبْدَيْهِمَا، صَحَّ، وَكَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا لِسَيِّدِهِ. فَإِذَا جَعَلَا الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَبْدَيْهِمَا أَثْلَاثًا، كَانَ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ الثُّلُثَانِ، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ. وَإِنْ شَرَطَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِوَلَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ امْرَأَتِهِ، أَوْ قَرِيبِهِ وَشَرَطَا عَلَيْهِ عَمَلًا مَعَ الْعَامِلِ، صَحَّ، وَكَانَا عَامِلَيْنِ.

وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا عَلَيْهِ عَمَلًا، لَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَحُكِيَ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَالْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ لَهُ لِرَبِّ الْمَالِ، سَوَاءٌ شَرَطَ لِقَرِيبِ الْعَامِلِ، أَوْ لِقَرِيبِ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا مَا شَرَطَ لَهُ، وَرَبُّ الْمَالِ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بِحُكْمِ الْأَصْلِ، وَالْأَجْنَبِيُّ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بِمَالِ أَوْ عَمَلٍ، وَلَيْسَ هَذَا وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَمَا شَرَطَ لَا يَسْتَحِقُّهُ، فَيَرْجِعُ إلَى رَبِّ الْمَالِ، كَمَا لَوْ تَرَكَ ذِكْرَهُ.

وَلَنَا، أَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ يَعُودُ إلَى الرِّبْحِ، فَفَسَدَ بِهِ الْعَقْدُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً. وَإِنْ قَالَ: لَك الثُّلُثَانِ، عَلَى أَنْ تُعْطِيَ امْرَأَتَك نِصْفَهُ. فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِي الرِّبْحِ شَرْطًا لَا يَلْزَمُ، فَكَانَ فَاسِدًا. وَالْحُكْمُ فِي الشَّرِكَةِ كَالْحُكْمِ فِي الْمُضَارَبَةِ، فِيمَا ذَكَرْنَاهُ.

[فَصْلٌ الْحَكَم فِي الشَّرِكَةِ كَالْحُكْمِ فِي الْمُضَارَبَة]

(٣٦٥٦) فَصْلٌ: وَالْحُكْمُ فِي الشَّرِكَةِ كَالْحُكْمِ فِي الْمُضَارَبَةِ، فِي وُجُوبِ مَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الرِّبْحِ، إلَّا أَنَّهُمَا إذَا أَطْلَقَاهَا وَلَمْ يَذْكُرَا الرِّبْحَ، كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَفِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ، يَكُونُ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا فِي الْمُشْتَرَى؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَصْلًا يَرْجِعَانِ إلَيْهِ، وَيَتَقَدَّرُ الرِّبْحُ بِهِ، بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الرِّبْحِ فِيهَا بِالْمَالِ وَالْعَمَلِ، لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْآخَرِ، فَلَا يُعْلَمُ قَدْره مِنْهُ. وَأَمَّا شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ، فَلَا مَالَ فِيهَا يُقَدَّرُ الرِّبْحُ بِهِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَقَدَّرَ بِالْعَمَلِ؛ لِأَنَّ عَمَلَ أَحَدِهِمَا مِنْ جِنْسِ عَمَلِ الْآخَرِ، فَقَدْ تَسَاوَيَا فِي أَصْلِ الْعَمَلِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَصْلًا يُرْجَعُ إلَيْهِ.

وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَقْدِرَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَيَتَفَاضَلُ، وَلَا يُوقَفُ عَلَى مِقْدَارِهِ، بِخِلَافِ الْمَالِ، فَيَعْتَبِرُ ذِكْرُ الرِّبْحِ وَالْمَعْرِفَةُ بِهِ، كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ.

[مَسْأَلَةٌ الْخُسْرَانَ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ]

(٣٦٥٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ) . يَعْنِي الْخُسْرَانَ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ مَالُهُمَا مُتَسَاوِيًا فِي الْقَدْرِ، فَالْخُسْرَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>