مِلْكِهَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهَا، وَقَدْ حَصَلَ قَبْلَ مَجِيءِ الْمَدَدِ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ مِلْكَهَا بِإِحْرَازِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ
مَمْنُوعٌ، بَلْ هُوَ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَقَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْجَيْشُ قَبْلَ الْمَدَدِ، وَحَدِيثُ الشَّعْبِيِّ مُرْسَلٌ يَرْوِيه الْمُجَالِدُ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ، ثُمَّ هُمْ لَا يَعْمَلُونَ بِهِ، وَلَا نَحْنُ، فَقَدْ حَصَلَ الْإِجْمَاعُ مِنَّا عَلَى خِلَافِهِ، فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِهِ؟
(٧٥٢٢) فَصْلٌ: وَحُكْمُ الْأَسِيرِ يَهْرَبُ إلَى الْمُسْلِمِينَ حُكْمُ الْمَدَدِ، سَوَاءٌ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِلْقِتَالِ بِخِلَافِ الْمَدَدِ. وَلَنَا، أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ إذَا قَاتَلَ اسْتَحَقَّ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، كَالْمَدَدِ، وَسَائِرِ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ.
(٧٥٢٣) فَصْلٌ: وَإِنْ لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ بَعْدَ تَقَضِّي الْحَرْبِ، وَقَبْلَ حِيَازَةِ الْغَنِيمَةِ، أَوْ جَاءَهُمْ أَسِيرٌ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ يُشَارِكُهُمْ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ قَبْلَ إحْرَازِهَا.
وَقَالَ الْقَاضِي: تُمْلَكُ الْغَنِيمَةُ بِانْقِضَاءِ الْحَرْبِ قَبْلَ حِيَازَتِهَا. فَعَلَى هَذَا لَا يُسْهَمُ لَهُمْ. وَإِنْ حَازُوا الْغَنِيمَةَ، ثُمَّ جَاءَهُمْ قَوْمٌ مِنْ الْكُفَّارِ يُقَاتِلُونَهُمْ، فَأَدْرَكَهُمْ الْمَدَدُ، فَقَاتَلُوا مَعَهُمْ، فَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ، عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمَدَدِ.
فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ غَنِيمَةً، فَلَحِقَهُمْ الْعَدُوُّ وَجَاءَ الْمُسْلِمِينَ مَدَدٌ، فَقَاتَلُوا الْعَدُوَّ مَعَهُمْ حَتَّى سَلَّمُوا الْغَنِيمَةَ، فَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَاتَلُوا عَنْ أَصْحَابِهِمْ، وَلَمْ يُقَاتِلُوا عَنْ الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ قَدْ صَارَتْ فِي أَيْدِيهمْ وَحَوَوْهَا. قِيلَ لَهُ: فَإِنَّ أَهْلَ الْمِصِّيصَةِ غَنِمُوا ثُمَّ اسْتَنْقَذَ مِنْهُمْ الْعَدُوُّ، فَجَاءَ أَهْلُ طَرَسُوسَ، فَقَاتَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى اسْتَنْقَذُوهُ؟ فَقَالَ: أَحَبُّ إلَى أَنْ يَصْطَلِحُوا،.
أَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأَوْلَى، فَإِنَّ الْأَوَّلِينَ قَدْ أَحْرَزُوا الْغَنِيمَةَ وَمَلَكُوهَا بِحِيَازَتِهِمْ، فَكَانَتْ لَهُمْ دُونَ مَنْ قَاتَلَ مَعَهُمْ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنَّمَا حَصَلَتْ الْغَنِيمَةُ بِقِتَالِ الَّذِينَ اسْتَنْقَذُوهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِكُوا فِيهَا، لِأَنَّ الْإِحْرَازَ الْأَوَّلَ قَدْ زَالَ بِأَخْذِ الْكُفَّارِ لَهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَوَّلِينَ قَدْ مَلَكُوهَا بِالْحِيَازَةِ الْأَوْلَى، وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُمْ بِأَخْذِ الْكُفَّارِ لَهَا مِنْهُمْ، فَلِهَذَا أَحَبَّ أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَيْهَا.
[مَسْأَلَة بَعَثَهُ الْأَمِيرُ لِمَصْلَحَةِ الْجَيْشِ فَلَمْ يَحْضُرْ الْغَنِيمَةَ]
(٧٥٢٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَمَنْ بَعَثَهُ الْأَمِيرُ لِمَصْلَحَةِ الْجَيْشِ، فَلَمْ يَحْضُرْ الْغَنِيمَةَ أَسْهَمَ لَهُ.