[فَصْلٌ يَكْتَرِي الْبَيْت فِيهِ تَصَاوِير]
(٥٦٧٨) فَصْلٌ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَكْتَرِي الْبَيْتَ فِيهِ تَصَاوِيرُ، تَرَى أَنْ يَحُكَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: دَخَلْت حَمَّامًا، فَرَأَيْت صُورَةً، أَتَرَى أَنْ أَحُكَّ الرَّأْسَ؟ قَالَ: نَعَمْ. إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ اتِّخَاذَ الصُّورَةِ مُنْكَرٌ، فَجَازَ تَغْيِيرُهَا، كَآلَةِ اللَّهْوِ وَالصَّلِيبِ، وَالصَّنَمِ، وَيُتْلَفُ مِنْهَا مَا يُخْرِجُهَا عَنْ حَدِّ الصُّورَةِ، كَالرَّأْسِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي. قَالَ أَحْمَدُ: وَلَا بَأْسَ بِاللُّعَبِ مَا لَمْ تَكُنْ صُورَةً؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أَلْعَبُ بِاللُّعَبِ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ . فَقُلْت: هَذِهِ خَيْلُ سُلَيْمَانَ. فَجَعَلَ يَضْحَكُ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ.
[فَصْلٌ الدُّفّ لَيْسَ بِمُنْكَرِ]
(٥٦٧٩) فَصْلٌ: وَالدُّفُّ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحَادِيثِ فِيهِ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ فِي النِّكَاحِ، وَرَوَتْ عَائِشَةُ؛ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تَدُفَّانِ وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ اتِّخَاذ آنِيَة الذَّهَب وَالْفِضَّة مُحْرِم]
(٥٦٨٠) فَصْلٌ: وَاِتِّخَاذُ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُحَرَّمٌ، فَإِذَا رَآهُ الْمَدْعُوُّ فِي مَنْزِلِ الدَّاعِي، فَهُوَ مُنْكَرٌ يَخْرُجُ مِنْ أَجْلِهِ. وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ الْفِضَّةِ مُسْتَعْمَلًا كَالْمُكْحُلَةِ وَنَحْوِهَا. قَالَ الْأَثْرَمُ: سُئِلَ أَحْمَدُ: إذَا رَأَى حَلْقَةَ مِرْآةٍ فِضَّةً، وَرَأْسَ مُكْحُلَةِ، يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: هَذَا تَأْوِيلٌ تَأَوَّلْته، وَأَمَّا الْآنِيَةُ نَفْسُهَا فَلَيْسَ فِيهَا شَكٌّ. وَقَالَ: مَا لَا يُسْتَعْمَلُ فَهُوَ أَسْهَلُ، مِثْلُ الضَّبَّةِ فِي السِّكِّينِ وَالْقَدَحِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمُنْكَرِ كَسَمَاعِهِ، فَكَمَا لَا يَجْلِسُ فِي مَوْضِعٍ يَسْمَعُ فِيهِ صَوْتَ الزَّمْرِ، لَا يَجْلِسُ فِي مَوْضِعٍ يَرَى فِيهِ مَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمُنْكَرِ.
[فَصْلٌ عِلْم أَنَّ عِنْد أَهْل الْوَلِيمَةِ مُنْكَرًا]
(٥٦٨١) فَصْلٌ: وَإِنْ عِلْمَ أَنَّ عِنْدَ أَهْلِ الْوَلِيمَةِ مُنْكَرًا، لَا يَرَاهُ وَلَا يَسْمَعُهُ، لِكَوْنِهِ بِمَعْزِلٍ عَنْ مَوْضِعِ الطَّعَامِ، أَوْ يُخْفُونَهُ وَقْتَ حُضُورِهِ فَلَهُ أَنْ يَحْضُرَ وَيَأْكُلَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْحُضُورِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ؛ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُدْعَى إلَى الْخِتَانِ أَوْ الْعُرْسِ، وَعِنْدَهُ الْمُخَنَّثُونَ، فَيَدْعُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ أُولَئِكَ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَأْثَمَ إنْ لَمْ يُجِبْ، وَإِنْ أَجَابَ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ آثِمًا. فَأَسْقُطَ الْوُجُوبَ؛ لِإِسْقَاطِ الدَّاعِي حُرْمَةَ نَفْسِهِ بِاِتِّخَاذِ الْمُنْكَرِ، وَلَمْ يَمْنَعْ الْإِجَابَةَ؛ لِكَوْنِ الْمُجِيبِ لَا يَرَى مُنْكَرًا وَلَا يَسْمَعُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذَا كَانَ الْمَكْسَبُ طَيِّبًا، وَلَمْ يَرَ مُنْكَرًا. فَعَلَى قَوْلِهِ هَذَا، لَا تَجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute