مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ. وَنَحْوَهُ قَالَ الثَّوْرِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ سُكَيْنَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، أَنَّهَا رَمَتْ الْجَمْرَةَ وَرَجُلٌ يُنَاوِلُهَا الْحَصَى، تُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَسَقَطَتْ حَصَاةٌ فَرَمَتْ بِخَاتَمِهَا.
وَلَنَا، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى بِالْحَصَى، وَأَمَرَ بِالرَّمْيِ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ» ، فَلَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْحَصَى، وَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ، فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلَا إلْحَاقُ غَيْرِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ لَا يَدْخُلُ الْقِيَاسُ فِيهِ. (٢٥٣٢) فَصْلٌ: وَإِنْ رَمَى بِحَجَرٍ أُخِذَ مِنْ الْمَرْمِيِّ لَمْ يُجْزِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ حَصًى، فَيَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ.
وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ مِنْ غَيْرِ الْمَرْمِيِّ. وَقَالَ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الرَّمْيُ بِمَا رُمِيَ بِهِ، لَمَا احْتَاجَ أَحَدٌ إلَى أَخْذِ الْحَصَى مِنْ غَيْرِ مَكَانِهِ، وَلَا تَكْسِيرِهِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ، وَلِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا يُقْبَلُ مِنْهَا يُرْفَعُ. وَإِنْ رَمَى بِخَاتَمِ فِضَّةٍ حَجَرًا، لَمْ يُجْزِهِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ، وَالرَّمْيُ بِالْمَتْبُوعِ لَا بِالتَّابِعِ.
[مَسْأَلَة الِاسْتِحْبَاب أَنْ يَغْسِل حَصَى الرَّمْي]
(٢٥٣٣) مَسْأَلَة: قَالَ: (وَالِاسْتِحْبَابُ أَنْ يَغْسِلَهُ) اخْتَلَفَ عَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ غَسَلَهُ، وَكَانَ طَاوُسٌ يَفْعَلُهُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَحَرَّى سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ. وَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ. وَهَذَا الصَّحِيحُ. وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَمَالِك، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا لُقِطَتْ لَهُ الْحَصَيَاتُ، وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى بَعِيرِهِ، يَقْبِضُهُنَّ فِي يَدِهِ، لَمْ يَغْسِلْهُنَّ، وَلَا أَمَرَ بِغَسْلِهِنَّ، وَلَا فِيهِ مَعْنَى يَقْتَضِيهِ. فَإِنْ رَمَى بِحَجَرٍ نَجِسٍ أَجْزَأْهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَاةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي بِهِ الْعِبَادَةَ، فَاعْتُبِرَتْ طَهَارَتُهُ، كَحَجَرِ الِاسْتِجْمَار وَتُرَابِ التَّيَمُّمِ.
وَإِنْ غَسَلَهُ، وَرَمَى بِهِ، أَجْزَأَهُ، وَجْهًا وَاحِدًا. وَعَدَدُ الْحَصَى سَبْعُونَ حَصَاةً، يَرْمِي مِنْهَا بِسَبْعٍ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَسَائِرهَا فِي أَيَّامِ مِنًى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ]
(٢٥٣٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا وَصَلَ إلَى مِنًى، رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ فِي إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا) حَدُّ مِنًى مَا بَيْنَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَوَادِي مُحَسِّرٍ، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَلَيْسَ مُحَسِّرٌ وَالْعَقَبَةُ مِنْ مِنًى. وَيُسْتَحَبُّ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَكَهَا. كَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ. فَإِذَا وَصَلَ مِنًى بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَهِيَ آخِرُ الْجَمَرَات مِمَّا يَلِي مِنًى، وَأَوَّلُهَا مِمَّا يَلِي مَكَّةَ، وَهِيَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ، وَكَذَلِكَ سُمِّيَتْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِيَ، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَلَا يَقِفُ. وَهَذَا بِجُمْلَتِهِ قَوْلُ مَنْ عَلِمْنَا قَوْلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute