فَإِنْ قَطَعَ الْمَتْرُوكَ، ثَمَّ غَسَلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي بَدَنِهِ شَيْءٌ غَيْرُ مَغْسُولٍ، وَلَوْ غَسَلَهُ، ثُمَّ انْقَطَعَ، لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَوْضِعِ الْقَطْعِ. وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي غُسْلِهِ.
[فَصْلٌ غُسْلُ الْحَيْضِ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ]
(٣٢٠) فَصْلٌ: وَغُسْلُ الْحَيْضِ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ، إلَّا فِي نَقْضِ الشَّعْرِ، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَتَأْخُذَ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا مَجْرَى الدَّمِ، وَالْمَوْضِعَ الَّذِي يَصِلُ إلَيْهِ الْمَاءُ مِنْ فَرْجِهَا؛ لِيَقْطَعَ عَنْهَا زُفُورَةَ الدَّمِ وَرَائِحَتَهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مِسْكًا فَغَيْرُهُ مِنْ الطِّيبِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَالْمَاءُ شَافٍ كَافٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - اللَّهُ عَنْهَا «. إنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ، قَالَ: تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ سِدْرَتَهَا وَمَاءَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَتَطَهَّرُ بِهَا. فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي بِهَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ: تَتَبَّعِي أَثَرَ الدَّمِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. الْفِرْصَةُ: هِيَ الْقِطْعَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
[فَصْلٌ الْجُنُبُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَطَأَ ثَانِيًا أَوْ يَأْكُلَ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأُ]
(٣٢١) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، أَوْ يَطَأَ ثَانِيًا، أَوْ يَأْكُلَ، أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَتَوَضَّأُ إلَّا غَسْلَ قَدَمَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ يَغْسِلُ كَفَّيْهِ وَيَتَمَضْمَضُ. وَحُكِيَ نَحْوُهُ عَنْ إمَامِنَا وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَغْسِلُ كَفَّيْهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ، وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ يَدَيْهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ مَالِكٌ يَغْسِلُ يَدَيْهِ. إنْ كَانَ أَصَابَهُمَا أَذًى.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَنَامُ وَلَا يَمَسُّ مَاءً؛ لِمَا رَوَى الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنَامُ، وَهُوَ جُنُبٌ، وَلَا يَمَسُّ مَاءً» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَغَيْرُهُمَا. وَرَوَى أَحْمَدُ، فِي " الْمُسْنَدِ ": حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجْنِبُ، ثُمَّ يَنَامُ، وَلَا يَمَسُّ مَاءً حَتَّى يَقُومَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَغْتَسِلَ.» وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ حَدَثٌ يُوجِبُ الْغُسْلَ، فَلَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ مَعَ بَقَائِهِ، كَالْحَيْضِ.
وَلَنَا مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا، وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا تَوَضَّأَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute