الْأَسِرَّةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ عُبِدَ الْبَرِّ: أُمُّ حَرَامِ بِنْتُ مِلْحَانَ أُخْتُ أُمِّ سُلَيْمٍ خَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْهُ أُخْتٌ لَهُمَا ثَالِثَةٌ. وَلَمْ نَرَ هَذَا عَنْ أَحَدٍ سِوَاهُ، وَأَظُنُّهُ إنَّمَا قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنَامُ فِي بَيْتِهَا، وَيَنْظُرُ إلَى شَعْرِهَا، وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْحِجَابِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ حَرَامٍ، عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: الْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ، الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ، لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ، وَالْغَرِقُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ.» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «شَهِيدُ الْبَحْرِ مِثْلُ شَهِيدَيْ الْبَرِّ، وَالْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ، كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ فِي الْبَرِّ، وَمَا بَيْنَ الْمَوْجَتَيْنِ، كَقَاطِعِ الدُّنْيَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَإِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ مَلَكَ الْمَوْتِ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ، إلَّا شَهِيدَ الْبَحْرِ، فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ، وَيَغْفِرُ لِشَهِيدِ الْبَرِّ الذُّنُوبَ كُلَّهَا إلَّا الدَّيْنَ، وَيَغْفِرُ لِشَهِيدِ الْبَحْرِ الذُّنُوبَ وَالدَّيْنَ» وَلِأَنَّ الْبَحْرَ أَعْظَمُ خَطَرًا وَمَشَقَّةً، فَإِنَّهُ بَيْنَ الْعَدُوِّ وَخَطَرِ الْغَرَقِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفِرَارِ إلَّا مَعَ أَصْحَابِهِ، فَكَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ. (٧٤١٨) فَصْلٌ: وَقِتَالُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفْضَلُ مِنْ قِتَالِ غَيْرِهِمْ.
وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَأْتِي مِنْ مَرْوَ لِغَزْوِ الرُّومِ. فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ: إنَّ هَؤُلَاءِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِأُمِّ خَلَّادٍ: «إنَّ ابْنَك لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ. قَالَتْ: وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ قَتَلَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
[مَسْأَلَةٌ الْغَزْو مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ]
(٧٤١٩) : (وَيُغْزَى مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ) يَعْنِي مَعَ كُلِّ إمَامٍ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَسُئِلَ، عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ: أَنَا لَا أَغْزُو وَيَأْخُذُهُ وَلَدُ الْعَبَّاسِ، إنَّمَا يُوَفَّرُ الْفَيْءُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، هَؤُلَاءِ قَوْمُ سُوءٍ، هَؤُلَاءِ الْقَعَدَةُ، مُثَبِّطُونَ جُهَّالٌ، فَيُقَالُ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ قَعَدُوا كَمَا قَعَدْتُمْ، مَنْ كَانَ يَغْزُو؟ أَلَيْسَ كَانَ قَدْ ذَهَبَ الْإِسْلَامُ؟ مَا كَانَتْ تَصْنَعُ الرُّومُ؟ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute