لِزَوْجِهَا، فِي الصَّحِيحِ، وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا، وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِنَّ، عَلَى الْمُرْضِعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، وَعَلَى الثَّالِثَةِ خُمْسُهُ؛ لِأَنَّ رَضْعَتَهَا الْأُولَى حَصَلَ بِهَا التَّحْرِيمُ، لِكَمَالِ الْخَمْسِ بِهَا، وَالثَّانِيَةُ لَا أَثَرَ لَهَا فِي التَّحْرِيمِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا بِهَا شَيْءٌ، وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَكَابِرِ، لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَصِرْنَ أُمَّهَاتٍ لَهَا. وَلَوْ كَانَ لِامْرَأَتِهِ الْكَبِيرَةِ خَمْسُ بَنَاتٍ، لَهُنًّ لَبَنٌ، فَأَرْضَعْنَ امْرَأَتَهُ الصَّغِيرَةَ رَضَاعًا تَصِيرُ بِهِ إحْدَاهُنَّ أُمًّا لَهَا، لَحَرُمَتْ أُمُّهَا، وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإِنْ أَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ الصَّغِيرَةَ رَضْعَةً، فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تَحْرُمُ بِهَذَا؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا جَدَّةً يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ ابْنَتِهَا أُمًّا، وَمَا صَارَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ بَنَاتِهَا أُمًّا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَحْرُمَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَمُلَ لَهَا مِنْ بَنَاتِهَا خَمْسُ رَضَعَاتٍ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ أَرْضَعَتْهَا بِنْتُهَا رَضْعَةً، وَبِنْتُ ابْنِهَا رَضْعَةً، وَبَنَاتُ بَنَاتِهَا ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ. وَلَوْ كَمُلَ لَهَا مِنْ زَوْجَتِهِ بِلَبَنِهِ وَمِنْ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَابْنَتِهِ وَابْنَةِ ابْنِهِ خَمْسُ رَضَعَاتٍ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ؛ أَصَحُّهُمَا، لَا يَثْبُتُ تَحْرِيمُهَا. وَفِي الْآخَرِ، يَثْبُتُ. فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ، يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِنَّ بِمَا غَرِمَ مِنْ صَدَاقِهَا، عَلَى قَدْرِ رَضَاعِهِنَّ. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِنَّ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِنَّ؛ لِكَوْنِ الرَّضَاعِ مُفْسِدًا، فَيَسْتَوِي قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، كَمَا لَوْ طَرَحَ النَّجَاسَةَ جَمَاعَةٌ فِي مَائِعٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدِ الرَّضَعَاتِ، فَكَانَ الضَّمَانُ مُتَعَلِّقًا بِالْعَدَدِ، بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ، فَإِنَّ التَّنْجِيسَ لَا يَتَعَلَّقُ بِقَدْرٍ، فَيَسْتَوِي قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ؛ لِكَوْنِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ سَوَاءً فِي الْإِفْسَادِ، فَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَشْرَبَ فِي الرَّضْعَةِ مِنْ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ مِمَّا يَشْرَبُ مِنْ الْأُخْرَى.
[فَصْلٌ تَزَوَّجَ أَمَةً فَأَرْضَعَتْ امْرَأَتَهُ الصَّغِيرَةَ]
(٦٤٤٠) فَصْلٌ: إذَا كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ أَمَةٌ، فَأَرْضَعَتْ امْرَأَتَهُ الصَّغِيرَةَ، فَحَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ، وَفَسَخَتْ نِكَاحَهَا، كَانَ مَا لَزِمَهُ مِنْ صَدَاقِ الصَّغِيرَةِ لَهُ فِي رَقَبَةِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنَايَتِهَا. وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا أُمُّ وَلَدِهِ، أَفْسَدَتْ نِكَاحَهَا، وَحَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ دَخَلَ بِأُمِّهَا، وَتَحْرُمُ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَيْهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ، وَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَفْسَدَتْ عَلَى سَيِّدِهَا، فَإِنْ كَانَ قَدْ كَاتَبَهَا، رَجَعَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ يَلْزَمُهَا أَرْشُ جِنَايَتِهَا. وَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ وَلَدِهِ امْرَأَةَ ابْنِهِ بِلَبَنِهِ، فَسَخَتْ نِكَاحَهَا وَحَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ.
وَإِنْ أَرْضَعَتْ زَوْجَةَ أَبِيهِ بِلَبَنِهِ، حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ ابْنِهِ، وَيَرْجِعُ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا غَرِمَهُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنَايَةِ أُمِّ وَلَدِهِ. وَإِنْ أَرْضَعَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِغَيْرِ لَبَنِ سَيِّدِهَا، لَمْ تُحَرِّمْهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَارَتْ بِنْتَ أُمِّ وَلَدِهِ.
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ بِكَبِيرَةٍ وَصَغِيرَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَتَيْنِ]
(٦٤٤١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ تَزَوَّجَ بِكَبِيرَةٍ وَصَغِيرَتَيْنِ، فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَتَيْنِ، حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْكَبِيرَةُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute