للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ جَنَى الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ.]

(٨٧٧٧) فَصْلٌ: وَإِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَالسَّيِّدُ خَصْمُهُ فِيهَا؛ فَإِنْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ وَجَبَ كَمَا تَجِبُ عَلَى عَبْدِهِ الْقِنِّ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَجِبُ لِلزَّجْرِ فَيَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعَبْدُ فِي حَقِّ سَيِّدِهِ، وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْمَالِ ابْتِدَاءً وَجَبَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مَعَ سَيِّدِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ يَصِحُّ أَنْ يُبَايِعَهُ وَيَثْبُتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ الْمَالُ وَالْحُقُوقُ كَذَلِكَ الْجِنَايَةُ، وَيَفْدِي نَفْسَهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى يَفْدِيهَا بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، فَإِنْ وَفَّى مَا فِي يَدِهِ بِمَا عَلَيْهِ فَلِسَيِّدِهِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ وَأَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفِ بِهِ فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ، فَإِذَا عَجَّزَهُ وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ سَقَطَ عَنْهُ مَالُ الْكِتَابَةِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ عَبْدًا قِنًّا، وَلَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ الْقِنِّ مَالٌ.

وَإِنْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَلَا مَالَ فِي يَدِهِ سَقَطَ الْأَرْشُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ وَقَدْ أَتْلَفَهَا فَسَقَطَ.

وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ لَمْ يَسْقُطْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ وَمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ، فَإِذَا تَلِفَتْ الرَّقَبَةُ بَقِيَ الْحَقُّ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ فَاسْتُوْفِيَ مِنْهُ كَمَا لَوْ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ، وَهَلْ يَجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ أَوْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ كُلُّهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَيَسْتَحِقُّ السَّيِّدُ مُطَالَبَتَهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ قَبْلَ أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ.

وَإِنْ اخْتَارَ تَأْخِيرَ الْأَرْشِ وَالْبِدَايَةَ بِقَبْضِ مَالِ الْكِتَابَةِ جَازَ، وَيَعْتِقُ إذَا قَبَضَ مَالَ الْكِتَابَةِ كُلَّهُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ قَبْلَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ؛ لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ.

وَلَنَا أَنَّ الْحَقَّيْنِ جَمِيعًا لِلسَّيِّدِ فَإِذَا تَرَاضَيَا عَلَى تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا وَلِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ عَتَقَ فَفِي حَقِّ السَّيِّدِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ لَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهُ قَبْلَ انْدِمَالِ الْجُرْحِ فَيُمْكِنُ تَقَدَّمُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ إذَا أَدَّى عَتَقَ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ مَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ؛ فَإِنَّهُ أَتْلَفَ مَحَلَّ حَقِّهِ وَهَاهُنَا بِخِلَافِهِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ أَوْ جَمِيعُ الْأَرْشِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

وَإِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى نَفْسِ سَيِّدِهِ فَلِوَرَثَتِهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ أَوْ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، وَفِي الْخَطَأِ الْمَالُ، وَفِيمَا يَفْدِي بِهِ نَفْسَهُ رِوَايَتَانِ.

وَحُكْمُ الْوَرَثَةِ مَعَ الْمُكَاتَبِ حُكْمُ سَيِّدِهِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ وَالْعَبْدُ لَوْ عَادَ قِنًّا لَكَانَ لَهُمْ وَإِنْ جَنَى عَلَى مَوْرُوثِ سَيِّدِهِ فَوَرِثَهُ سَيِّدُهُ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى سَيِّدِهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى مَا مَضَى.

[فَصْلٌ اجْتَمَعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَرْشٌ وَثَمَنٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الدُّيُونِ مَعَ مَالِ الْكِتَابَةِ وَفِي يَدِهِ مَالٌ يَفِي بِهَا.]

(٨٧٧٨) فَصْلٌ: وَإِنْ اجْتَمَعَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَرْشُ جِنَايَةٍ وَثَمَنُ مَبِيعٍ أَوْ عِوَضُ قَرْضٍ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الدُّيُونِ مَعَ مَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>