أَخْذَهُ لِمَالِهَا أَوْ مَالِ غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ رِضَى صَاحِبِهِ مُحَرَّمٌ، فَجَرَى مَجْرَى شُرْبِ الْخَمْرِ.
وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أُعْطِيَك مَالًا. أَوْ: أَفْعَلَ فِي حَقِّك جَمِيلًا. لَمْ يَكُنْ إيلَاءً؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لِذَلِكَ لَيْسَ بِمُحْرِمِ وَلَا مُمْتَنِعٍ، فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِ: حَتَّى أَصُومَ يَوْمًا.
[فَصْلٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك إلَّا بِرِضَاك]
(٦١٠٩) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك إلَّا بِرِضَاك. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ وَطْؤُهَا بِغَيْرِ حِنْثٍ، وَلِأَنَّهُ مُحْسِنٌ فِي كَوْنِهِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ اجْتِنَابَ سَخَطِهَا. وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ كُلُّ حَالٍ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ فِيهَا بِغَيْرِ حِنْثٍ، كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك مُكْرَهَةً، أَوْ مَحْزُونَةً. وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا. وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك مَرِيضَةً. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا مَرَضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَوْ لَا يَزُولُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ حَالِفٌ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لَهَا وَهِيَ صَحِيحَةٌ، فَمَرِضَتْ مَرَضًا يُمْكِنُ بُرْؤُهُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، لَمْ يَصِرْ مُولِيًا، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ فِيهَا، صَارَ مُولِيًا.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَزُولُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، صَارَ مُولِيًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ. وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك حَائِضًا. وَلَا نُفَسَاء، وَلَا مُحْرِمَةً، وَلَا صَائِمَةً. وَنَحْوَ هَذَا، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ مَمْنُوعٌ مِنْهُ شَرْعًا، فَقَدْ أَكَّدَ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْهُ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك طَاهِرًا. أَوْ: لَا وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا. صَارَ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ حَالِفٌ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ الَّذِي يُطَالِبُ بِهِ فِي الْفَيْئَةِ، فَكَانَ مُولِيًا، كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك فِي قُبُلِك. وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك لَيْلًا. أَوْ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك نَهَارًا. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ يُمْكِنُ بِدُونِ الْحِنْثِ.
وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ. أَوْ: فِي هَذَا الْبَيْتِ. أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمُعَيَّنَةِ، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. وَهَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالنُّعْمَانِ، وَصَاحِبَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَإِسْحَاقُ: هُوَ مُولٍ؛ لِأَنَّهُ حَالِفٌ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا. وَلَنَا أَنَّهُ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا بِغَيْرِ حِنْثٍ، فَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا، كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ.
[فَصْلٌ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا عَامًا ثُمَّ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ]
(٦١١٠) فَصْلٌ: وَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا عَامًا، ثُمَّ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، انْحَلَّ الْإِيلَاءُ. قَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْمُولِي يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ؟ قَالَ يَذْهَبُ عَنْهُ الْإِيلَاءُ، وَلَا يُوقَفُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ، وَذَهَبَ الْإِيلَاءُ حِينَ ذَهَبَتْ الْيَمِينُ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَمْنُوعًا مِنْ الْوَطْءِ بِيَمِينِهِ، فَأَشْبَهَ مَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى. فَإِنْ كَانَ تَكْفِيرُهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، انْحَلَّ الْإِيلَاءُ حِينَ التَّكْفِيرِ، وَصَارَ كَالْحَالِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَإِنْ كَفَّرَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ وَقَبْلَ الْوُقُوفِ، صَارَ كَالْحَالِفِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْهَا، إذَا مَضَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ قَبْلَ وَقْفِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute