ظِهَارًا. وَلَمْ أَرَهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ لِامْرَأَتِهِ بِمَا لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلِاسْتِمْتَاعِ، أَشْبَهَ التَّشْبِيهَ بِمَالِ غَيْرِهِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيِّتَةِ وَالدَّمِ: إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا، وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ كَانَ ظِهَارًا، وَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ كَانَ يَمِينًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، هُوَ ظِهَارٌ. وَالْأُخْرَى، هُوَ يَمِينٌ. وَلَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدِي مَعْنَى إرَادَتِهِ الظِّهَارَ وَالْيَمِينَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عِنْدِي، أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي كَظَهْرِ أُمِّي]
(٦١٦٧) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عِنْدِي، أَوْ مِنِّي، أَوْ مَعِي، كَظَهْرِ أُمِّي. كَانَ ظِهَارًا بِمَنْزِلَةِ عَلَيَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ فِي مَعْنَاهُ. وَإِنْ قَالَ: جُمْلَتُكِ، أَوْ بَدَنُك، أَوْ جِسْمُكِ، أَوْ ذَاتُك، أَوْ كُلُّك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. كَانَ ظِهَارًا؛ لِأَنَّهُ أَشَارَ إلَيْهَا. فَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي. كَانَ ظِهَارًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ فَانْصَرَفَ الْحُكْمُ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَيْسَ بِظِهَارٍ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ كَظَهْرِ أُمِّهِ، فَظَهْرُ أُمِّهِ، مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّيِّ أَوْ مِثْلُ أُمِّي وَنَوَى بِهِ الظِّهَارَ]
(٦١٦٨) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي. أَوْ: مِثْلُ أُمِّي. وَنَوَى بِهِ الظِّهَارَ، فَهُوَ ظِهَارٌ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ؛ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَصَاحِبَاهُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَإِنْ نَوَى بِهِ الْكَرَامَةَ وَالتَّوْقِيرَ، أَوْ أَنَّهَا مِثْلُهَا فِي الْكِبَرِ، أَوْ الصِّفَةِ، فَلَيْسَ بِظِهَارٍ. وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نِيَّتِهِ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: فِيهِ رِوَايَتَانِ، أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ حَتَّى يَنْوِيَهُ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْكَرَامَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِي التَّحْرِيمِ، فَلَمْ يَنْصَرِفْ إلَيْهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، كَكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِجُمْلَةِ أُمِّهِ، فَكَانَ مُشَبِّهًا لَهَا بِظَهْرِهَا، فَيَثْبُتُ الظِّهَارُ كَمَا لَوْ شَبَّهَهَا بِهِ مُنْفَرِدًا. وَاَلَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، أَنَّهُ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الظِّهَارِ، مِثْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مَخْرَجَ الْحَلِفِ، فَيَقُولُ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّي. أَوْ قَالَ ذَلِكَ حَالَ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ، فَهُوَ ظِهَارٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْحَلِفِ، فَالْحَلِفُ يُرَادُ لِلِامْتِنَاعِ مِنْ شَيْءٍ، أَوْ الْحَثِّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ كَوْنَهَا مِثْلُ أُمِّهِ فِي صِفَتِهَا أَوْ كَرَامَتِهَا. لَا يَتَعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الظِّهَارَ، وَوُقُوعُ ذَلِكَ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَذَاهَا، وَيُوجِبُ اجْتِنَابَهَا، وَهُوَ الظِّهَارُ. وَإِنْ عَدِمَ هَذَا فَلَيْسَ بِظِهَارٍ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِغَيْرِ الظِّهَارِ احْتِمَالًا كَثِيرًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute