للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل شَهِدَ الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ مَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ]

(٨٣٧٧) فَصْلٌ: وَإِنْ شَهِدَ الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ، فِي غَيْرِ مَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، أَوْ الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ، فِي غَيْرِ مَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ، أَوْ الْعَدُوُّ لِعَدُوِّهِ، أَوْ الْوَارِثُ لِمَوْرُوثِهِ بِمَالٍ، أَوْ بِالْجَرْحِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ، بَعْدَ أَنْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ عَلَى الْآخَرِ، بِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ، أَوْ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بَعْدَ سُقُوطِ وَصِيَّتِهِ عَلَى الْآخَرِ، بِمَا يُسْقِطُ وَصِيَّتَهُ، أَوْ كَانَتْ إحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ لَا تُزَاحِمُ الْأُخْرَى، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا تُهْمَةَ فِيهِ، قُبِلَتْ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ مُتَحَقِّقٌ، وَالْمَانِعُ مُنْتَفٍ فَوَجَبَ قَبُولُهَا، عَمَلًا بِالْمُقْتَضِي.

[مَسْأَلَة شَهَادَةُ مَنْ يُعْرَفُ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ وَالْغَفْلَةِ]

(٨٣٧٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يُعْرَفُ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ وَالْغَفْلَةِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الشَّاهِدِ أَنْ يَكُونَ مَوْثُوقًا بِقَوْلِهِ؛ لِتَحْصُلَ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِصِدْقِهِ، وَلِذَلِكَ اعْتَبَرْنَا الْعَدَالَةَ، وَمَنْ يَكْثُرُ غَلَطُهُ وَتَغَفُّلُهُ، لَا يُوثَقُ بِقَوْلِهِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَلَطَاتِهِ، فَرُبَّمَا شَهِدَ عَلَى غَيْرِ مَنْ اُسْتُشْهِدَ عَلَيْهِ، أَوْ لِغَيْرِ مَنْ شَهِدَ لَهُ، أَوْ بِغَيْرِ مَا اُسْتُشْهِدَ بِهِ، وَإِذَا كَانَ مُغَفَّلًا، فَرُبَّمَا اسْتَزَلَّهُ الْخَصْمُ بِغَيْرِ شَهَادَته، فَلَا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ. وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ وُجُودُ غَلَطٍ نَادِرٍ، أَوْ غَفْلَةٍ نَادِرَةٍ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ مَنَعَ ذَلِكَ الشَّهَادَةَ، لَانْسَدَّ بَابُهَا، فَاعْتَبَرْنَا الْكَثْرَةَ فِي الْمَنْعِ، كَمَا اعْتَبَرْنَا كَثْرَةَ الْمَعَاصِي فِي الْإِخْلَالِ بِالْعَدَالَةِ.

[مَسْأَلَة شَهَادَةُ الْأَعْمَى]

(٨٣٧٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى، إذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَأَبِي هَاشِمٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْ الْحَسَنِ، وَإِيَاسٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى. وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ شَهَادَتَهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالتَّرْجَمَةِ، وَإِذَا أَقَرَّ عِنْدَ أُذُنِهِ وَيَدُ الْأَعْمَى عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ ضَبَطَهُ حَتَّى حَضَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجِزْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَفْعَالِ، لَا تَجُوزُ عَلَى الْأَقْوَالِ، كَالصَّبِيِّ، وَلِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تَشْتَبِهُ، فَلَا يَحْصُلُ الْيَقِينُ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا، كَالْخَطِّ. وَلَنَا، قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] .

وَسَائِرُ الْآيَاتِ فِي الشَّهَادَةِ، وَلِأَنَّهُ رَجُلٌ عَدْلٌ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ، فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، كَالْبَصِيرِ، وَفَارَقَ الصَّبِيَّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِرَجُلٍ وَلَا عَدْلٍ وَلَا مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>