غَيْرِ الْإِثْمِدِ أَوْ الْأَسْوَدِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ الْكُحْلَ بِالْإِثْمِدِ مَكْرُوهٌ، وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَرَوَتْ شُمَيْسَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: اشْتَكَيْت عَيْنِي وَأَنَا مُحْرِمَةٌ، فَسَأَلْت عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: اكْتَحِلِي بِأَيِّ كَحِلِّ شِئْت غَيْرِ الْإِثْمِدِ، أَمَّا إنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَلَكِنَّهُ زِينَةٌ، فَنَحْنُ نَكْرَهُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ فَعَلَا فَلَا أَعْلَمُ عَلَيْهِمَا فِيهِ فِدْيَةً بِشَيْءٍ.
[فَصْل الْكُحْلُ بِغَيْرِ الْإِثْمِدِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِلْمُحْرِمِ]
(٢٣٧٣) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْكُحْلُ بِغَيْرِ الْإِثْمِدِ، فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، حَتَّى إذَا كُنَّا بملل، اشْتَكَى عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَيْنَيْهِ، فَأَرْسَلَ إلَى أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، لِيَسْأَلَهُ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ: أَنْ اضْمِدْهَا بِالصَّبْرِ، فَإِنَّ عُثْمَانَ حَدَّثَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرَّجُلِ إذَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، ضَمَّدَهَا بِالصَّبْرِ» . فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ، مِمَّا لَيْسَ فِيهِ زِينَةٌ وَلَا طِيبٌ. وَكَانَ إبْرَاهِيمُ لَا يَرَى بِالذَّرُورِ الْأَحْمَرِ بَأْسًا.
[مَسْأَلَة الْمَرْأَةَ الْمُحْرِمَة مَمْنُوعَةٌ مِمَّا مُنِعَ مِنْهُ الرِّجَالُ إلَّا بَعْضَ اللِّبَاسِ]
(٢٣٧٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَتَجْتَنِبُ كُلَّ مَا يَجْتَنِبُهُ الرَّجُلُ، إلَّا فِي اللِّبَاسِ، وَتَظْلِيلِ الْمَحْمِلِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ، مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مَمْنُوعَةٌ مِمَّا مُنِعَ مِنْهُ الرِّجَالُ، إلَّا بَعْضَ اللِّبَاسِ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ لِلْمُحْرِمَةِ لُبْسَ الْقُمُصِ وَالدُّرُوعِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخُمُرِ وَالْخِفَافِ. وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُحْرِمَ بِأَمْرٍ، وَحُكْمَهُ عَلَيْهِ، يَدْخُلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى مِنْهُ اللِّبَاسَ لِلْحَاجَةِ إلَى سَتْرِ الْمَرْأَةِ، لِكَوْنِهَا عَوْرَةً، إلَّا وَجْهَهَا، فَتَجَرُّدُهَا يُفْضِي إلَى انْكِشَافِهَا، فَأُبِيحَ لَهَا اللِّبَاسُ لِلسَّتْرِ، كَمَا أُبِيحَ لِلرَّجُلِ عَقْدُ الْإِزَارِ، كَيْلًا يَسْقُطَ، فَتَنْكَشِفَ الْعَوْرَةُ، وَلَمْ يُبَحْ عَقْدُ الرِّدَاءِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى النِّسَاءَ فِي إحْرَامِهِنَّ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ، وَمَا مَسَّ الْوَرْسَ وَالزَّعْفَرَانَ مِنْ الثِّيَابِ، وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ، مِنْ مُعَصْفَرٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ حُلِيٍّ أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ قَمِيصٍ أَوْ خُفٍّ» .
وَهَذَا صَرِيحٌ، وَالْمُرَادُ بِاللِّبَاسِ هَاهُنَا الْمَخِيطُ مِنْ الْقَمِيصِ وَالدُّرُوعِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخِفَافِ، وَمَا يَسْتُرُ الرَّأْسَ، وَنَحْوَهُ.
[فَصْل يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَة مَا يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ]
فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ مَا يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ؛ مِنْ الْغُسْلِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَالتَّطَيُّبِ، وَالتَّنَظُّفِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالْمِسْكِ الْمُطَيِّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، فَإِذَا عَرِقَتْ إحْدَانَا، سَالَ عَلَى وَجْهِهَا، فَيَرَاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُنْكِرُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute