الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا جَاءَ حَدِيثٌ شَاذٌّ يُخَالِفُ ذَلِكَ، لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى التَّنْزِيَةِ.
[فَصْلٌ اسْتِعْمَالُ الْحِلْيَةِ لِحَمَائِلِ السَّيْفِ مِنْ الذَّهَبِ]
(٧٣٧٢) فَصْلٌ: قَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْحِلْيَةُ لِحَمَائِلِ السَّيْفِ؟ فَسَهَّلَ فِيهَا، وَقَالَ: قَدْ رُوِيَ، سَيْفٌ مُحَلًّى. وَلِأَنَّهُ مِنْ حِلْيَةِ السَّيْفِ، فَأَشْبَهَ الْقَبِيعَةَ. وَلِذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي حِلْيَةِ الدِّرْعِ وَالْمِغْفَرِ وَالْخُوذَةِ وَالْخُفِّ وَالرَّانِ؛ وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ. وَقِيلَ: لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حَلْقَةُ الْمِرْآةِ فِضَّةٌ، وَرَأْسُ الْمُكْحُلَةِ فِضَّةٌ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا؟ . قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ يُسْتَعْمَلُ مِثْلُ حَلْقَةِ الْمِرْآةِ، فَأَنَا أَكْرَهُهُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ، فَإِنَّ الْمِرْآةَ تُرْفَعُ بِحَلْقَتِهَا. ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا هَذَا تَأْوِيلٌ تَأَوَّلْتُهُ أَنَا.
(٧٣٧٣) فَصْلٌ: وَلَا يُبَاحُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ ذَهَبًا، إلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ تُبَاحُ قَبِيعَةُ السَّيْفِ. قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ لِعُمَرَ سَيْفٌ فِيهِ سَبَائِكُ مِنْ ذَهَبٍ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَزِيدَةَ الْعَصَرِيِّ، قَالَ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ.» وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
وَلَا يُبَاحُ الذَّهَبُ فِي غَيْرِ هَذَا إلَّا لِضَرُورَةٍ، كَأَنْفِ الذَّهَبِ، وَمَا رَبَطَ بِهِ أَسْنَانَهُ، إذَا تَحَرَّكَتْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُبَاحُ يَسِيرُ الذَّهَبِ، قِيَاسًا لَهُ عَلَى الْفِضَّةِ؛ لِكَوْنِهِ أَحَدَ الثَّمَنَيْنِ، فَأَشْبَهَ الْآخَرَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
[مَسْأَلَةٌ لَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدَّ]
(٧٣٧٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يَبْلُغ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدَّ) التَّعْزِيرُ: هُوَ الْعُقُوبَةُ الْمَشْرُوعَةُ عَلَى جِنَايَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا، كَوَطْءِ الشَّرِيكِ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ، أَوْ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ، أَوْ جَارِيَةَ ابْنِهِ، أَوْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ فِي دُبُرِهَا أَوْ حَيْضِهَا، أَوْ وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ سَرِقَةِ مَا دُونَ النِّصَابِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، أَوْ النَّهْبِ، أَوْ الْغَصْبِ، أَوْ الِاخْتِلَاسِ، أَوْ الْجِنَايَةِ عَلَى إنْسَانٍ بِمَا لَا يُوجِبُ حَدًّا وَلَا قِصَاصًا وَلَا دِيَةً، أَوْ شَتْمِهِ بِمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ. وَنَحْوُ ذَلِكَ يُسَمَّى تَعْزِيرًا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ الْجِنَايَةِ. وَالْأَصْلُ فِي التَّعْزِيرِ الْمَنْعُ، وَمِنْهُ التَّعْزِيرُ بِمَعْنَى النُّصْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مَنْعٌ لِعَدُوِّهِ مِنْ أَذَاهُ. وَاخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ فِي قَدْرِهِ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ، نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا فِي مَوَاضِعَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute