وَلَهُ حُضُورُ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَفْعَلُهُ لِنَفْعِ نَفْسِهِ لِتَحْصِيلِ الْأَجْرِ، وَالْقُرْبَةِ لَهُ، وَالْوَلَائِمُ يُرَاعَى فِيهَا حَقُّ الدَّاعِي، فَيَنْكَسِرُ قَلْبُ مَنْ لَمْ يُجِبْهُ إذَا أَجَابَ غَيْرَهُ.
[مَسْأَلَةٌ عَدْلُ الْقَاضِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ]
(٨٢٧٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيَعْدِلُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَالْمَجْلِسِ، وَالْخِطَابِ) وَجُمْلَتُهُ، أَنَّ عَلَى الْقَاضِي الْعَدْلَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، مِنْ الْمَجْلِسِ، وَالْخِطَابِ وَاللَّحْظِ وَاللَّفْظِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَالْإِنْصَاتِ إلَيْهِمَا، وَالِاسْتِمَاعِ مِنْهُمَا. وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا.
وَقَدْ رَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، فِي كِتَابِ " قُضَاةِ الْبَصْرَةِ " بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ بُلِيَ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلْيَعْدِلْ بَيْنَهُمْ فِي لَفْظِهِ، وَإِشَارَتِهِ، وَمَقْعَدِهِ، وَلَا يَرْفَعْ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ مَا لَا يَرْفَعُهُ عَلَى الْآخَرِ. وَفِي رِوَايَةٍ: فَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمْ؛ فِي النَّظَرِ، وَالْمَجْلِسِ، وَالْإِشَارَةِ»
وَكَتَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أُبَيٍّ: سَوِّ بَيْنَ النَّاسِ فِي مَجْلِسِك وَعَدْلِك، حَتَّى لَا يَيْأَسَ الضَّعِيفُ مِنْ عَدْلِك، وَلَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِك. وَقَالَ سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا سَيَّارٌ ثنا الشَّعْبِيُّ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ بِدَارٍ فِي شَيْءٍ، فَجَعَلَا بَيْنَهُمَا زِيدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَأَتَيَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتَيْنَاك لِتَحْكُمَ بَيْنَنَا، فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الْحَكَمُ فَوَسَّعَ لَهُ زَيْدٌ عَنْ صَدْرِ فِرَاشِهِ، فَقَالَ: هَاهُنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: جُرْت فِي أَوَّلِ الْقَضَاءِ، وَلَكِنْ أَجْلِسُ مَعَ خَصْمِي. فَجَلَسَا بَيْن يَدَيْهِ، فَادَّعَى أُبَيٍّ وَأَنْكَرَ عُمَرُ، فَقَالَ زَيْدٌ لِأُبَيٍّ، أَعْفِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْيَمِينِ، وَمَا كُنْت لِأَسْأَلَهَا لِأَحَدٍ غَيْرِهِ. فَحَلَفَ عُمَرُ، ثُمَّ أَقْسَمَ: لَا يُدْرِكُ زَيْدٌ بَابَ الْقَضَاءِ، حَتَّى يَكُونَ عُمَرُ وَرَجُلٌ مِنْ عَرَضِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُ سَوَاءً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute