فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ، وَلِذَلِكَ يُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ فِي الْوِلَايَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَغَيْرِهِمَا. وَحُكْمُ الْأَبِ مَعَ ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ، حُكْمُ الْجَدِّ وَإِنْ عَلَا مَعَ الِابْنِ وَابْنِهِ سَوَاءٌ.
[مَسْأَلَةٌ خَلَّفَ أَخَا مُعْتِقِهِ وَجَدَّ مُعْتِقِهِ]
(٥٠٣٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ خَلَّفَ أَخَا مُعْتِقِهِ وَجَدَّ مُعْتِقِهِ، فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَاللَّيْثُ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ. وَمَالَ إلَيْهِ الْأَوْزَاعِيُّ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ
وَمُحَمَّدٍ. وَاَلَّذِينَ نَزَّلُوا الْجَدَّ أَبًا، جَعَلُوا الْجَدَّ أَوْلَى، وَوَرَّثُوهُ وَحْدَهُ. وَرُوِيَ عَنْ زَيْدٍ أَنَّ الْمَالَ لِلْأَخِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَخَ ابْنُ الْأَبِ، وَالْجَدُّ أَبُوهُ، وَالِابْنُ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ. وَلَنَا، أَنَّهُمَا عَصَبَتَانِ يَرِثَانِ الْمَالَ نِصْفَيْنِ، فَكَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، كَالْأَخَوَيْنِ. وَإِنْ تَرَكَ جَدَّ مَوْلَاهُ وَابْنَيْ أَخِي مَوْلَاهُ، فَالْمَالُ لِجَدِّهِ. فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، إلَّا مَالِكًا جَعَلَ الْمِيرَاثَ لِابْنِ الْأَخِ وَإِنْ سَفَلَ. وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ابْنَ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ.
وَلَيْسَ هَذَا بِصَوَابٍ؛ فَإِنَّ ابْنَ الْأَخِ مَحْجُوبٌ عَنْ الْمِيرَاثِ بِالْجَدِّ، فَكَيْفَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْجَدَّ أَوْلَى بِالْمُعْتِقِ مِنْ ابْنِ الْأَخِ، فَيَرِثُ مَوْلَاهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمَوْلَى أَخٌ فِي الدِّينِ وَوَلِيُّ نِعْمَةٍ. يَرِثُهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِالْمُعْتِقِ» . وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ أَوْلَى أَنَّهُ يَرِثُ ابْنَ ابْنِهِ دُونَ ابْنِ الْأَخِ، فَيَكُونُ أَوْلَى لِقَوْلِ؛ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، وَمَا أَبْقَتْ الْفُرُوضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . وَفِي لَفْظٍ: «فَلِأَوْلَى عَصَبَةٍ ذَكَرٍ» . وَلِأَنَّ الْجَدَّ أَبٌ، فَيُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ، كَالْأَبِ الْحَقِيقِيِّ، وَلِأَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي مِيرَاثِ الْمَالِ، فَقُدِّمَ فِي الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ كَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ.
[فَصْلٌ اجْتَمَعَ إخْوَةٌ وَجَدٌّ فِي مِيرَاث الْوَلَاء]
(٥٠٣١) فَصْلٌ: فَإِنْ اجْتَمَعَ إخْوَةٌ وَجَدٌّ، فَمِيرَاثُ الْمَوْلَى بَيْنَهُمْ، كَمَالِ سَيِّدِهِ. وَإِنْ اجْتَمَعَ إخْوَةٌ مِنْ أَبَوَيْنِ وَإِخْوَةٌ مِنْ أَبٍ، عَادَ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ الْجَدَّ بِالْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبِ، ثُمَّ مَا حَصَلَ لَهُمْ أَخَذَهُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَلَا يُعَادُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ الْجَدَّ بِوَلَدِ الْأَبِ. وَلَنَا، أَنَّهُ مِيرَاثٌ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ، فَأَشْبَهَ الْمِيرَاثَ بِالنَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِخْوَةِ أَخَوَاتٌ، لَمْ يُعْتَدَّ بِهِنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يَرِثْنَ مُنْفَرِدَاتٍ، فَلَا يُعْتَدُّ بِهِنَّ، كَالْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ، وَإِنْ انْفَرَدَ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبِ مَعَ الْجَدِّ، فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute