وَلَا قَطْعَ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا مَنَعَهَا الزَّوْجُ قَدْرَ كِفَايَتِهَا، أَوْ كِفَايَةِ وَلَدِهَا، فَأَخَذَتْ مِنْ مَالِهِ، سَوَاءٌ أَخَذَتْ قَدْرَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ قَدْرَ ذَلِكَ، فَالزَّائِدُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بِمَا يُسْتَحَقُّ أَخْذُهُ، وَلَا عَلَى الضَّيْفِ إذَا مُنِعَ قِرَاهُ، فَأَخَذَ أَيْضًا مِنْ مَالِ الْمُضِيفِ؛ لِذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ بِمَا يَجِبُ الْقَطْعُ]
(٧٣٠٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يُقْطَعُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، أَوْ اعْتِرَافٍ مَرَّتَيْنِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَجِبُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ؛ بَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، لَا غَيْرُ، فَأَمَّا الْبَيِّنَةُ، فَيُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ السَّارِقُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ فِي الزِّنَا بِمَا أَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ هَاهُنَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَصِفَا السَّرِقَةَ وَالْحِرْزَ، وَجِنْسَ النِّصَابِ، وَقَدْرَهُ، لِيَزُولَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ، فَيَقُولَانِ: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا سَرَقَ كَذَا، قِيمَتُهُ كَذَا، مِنْ حِرْزٍ. وَيَصِفَانِ الْحِرْزَ. وَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ غَائِبًا، فَحَضَرَ وَكِيلُهُ، وَطَالَبَ بِالسَّرِقَةِ، احْتَاجَ الشَّاهِدَانِ أَنْ يَرْفَعَا فِي نَسَبِهِ، فَيَقُولَانِ: مِنْ حِرْزِ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ، وَجَبَ الْقَطْعُ فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ قَطْعَ السَّارِقِ يَجِبُ، إذَا شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ شَاهِدَانِ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ، وَوَصَفَا مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ.
وَإِذَا وَجَبَ الْقَطْعُ بِشَهَادَتِهِمَا، لَمْ يَسْقُطْ بِغَيْبَتِهِمَا، وَلَا مَوْتِهِمَا، عَلَى مَا مَضَى فِي الشَّهَادَةِ بِالزِّنَا. وَإِذَا شَهِدَا بِسَرِقَةِ مَالٍ غَائِبٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، فَطَالَبَ بِهِ، قُطِعَ السَّارِقُ، وَإِلَّا فَلَا.
(٧٣٠٩) فَصْلٌ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي الْوَقْتِ، أَوْ الْمَكَانِ، أَوْ الْمَسْرُوقِ، فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: سَرَقَ ثَوْرًا. وَقَالَ الْآخَرُ: سَرَقَ بَقَرَةً. أَوْ قَالَ: سَرَقَ ثَوْرًا. وَقَالَ الْآخَرُ: سَرَقَ حِمَارًا. لَمْ يُقْطَعْ. فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: سَرَقَ ثَوْبًا أَبْيَضَ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَسْوَدَ. أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: سَرَقَ هَرَوِيًّا. فَقَالَ الْآخَرُ: مَرَوِيًّا. لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الشَّهَادَةِ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الذُّكُورِيَّةِ وَالْأُنُوثِيَّةِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُقْطَعُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ لَمْ يَرْجِعْ إلَى نَفْسِ الشَّهَادَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ هَرَوِيٌّ، وَالْآخَرَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ، أَوْ كَانَ الثَّوْبُ فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: اللَّوْنُ أَقْرَبُ إلَى الظُّهُورِ مِنْ الذُّكُورِيَّةِ وَالْأُنُوثِيَّةِ، فَإِذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِيمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute