صَاحِبِ الثَّوْبِ، وَقَدْ يَكُونُ الصِّبْغُ لَا يَحْصُلُ إلَّا فِي حَيْثُ يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ كَثِيرَةٍ، لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي صَبْغِ هَذَا الثَّوْبِ، فَجَازَ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
[فَصْلٌ اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً فَكُحْله فِيهَا فَلَمْ تَبْرَأْ عَيْنُهُ]
(٤٢٩٩) فَصْلٌ: وَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً، فَكَحَلَهُ فِيهَا، فَلَمْ تَبْرَأْ عَيْنُهُ، اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ. وَبِهِ قَالَ الْجَمَاعَةُ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَجْرًا حَتَّى تَبْرَأَ عَيْنُهُ، وَلَمْ يَحْكِ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ، وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ وَفَّى الْعَمَلَ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ لَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْغَرَضُ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِبِنَاءِ حَائِطٍ يَوْمًا، أَوْ لِخِيَاطَةِ قَمِيصٍ، فَلَمْ يُتِمَّهُ فِيهِ. وَإِنْ بَرِئَتْ عَيْنُهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَجَزَ عَنْهُ أَمْرٌ غَالِبٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ
فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاكْتِحَالِ مَعَ بَقَاءِ الْمَرَضِ، اسْتَحَقَّ الْكَحَّالُ الْأَجْرَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ يَوْمًا لِلْبِنَاءِ فَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فِيهِ. فَأَمَّا إنْ شَارَطَهُ عَلَى الْبُرْءِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ جَعَالَةً، فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا حَتَّى يُوجَدَ الْبُرْءُ، سَوَاءٌ وُجِدَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، فَإِنْ بَرِئَ بِغَيْرِ كَحْلِهِ، أَوْ تَعَذَّرَ الْكَحْلُ لِمَوْتِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَانِعِ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، كَمَا لَوْ عَمِلَ الْعَامِلُ فِي الْجَعَالَةِ، ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ. وَإِنْ امْتَنَعَ لَأَمْرٍ مِنْ جِهَةِ الْكَحَّالِ أَوْ غَيْرِ الْجَاعِلِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَإِنْ فَسَخَ الْجَاعِلُ الْجَعَالَةَ بَعْدَ عَمَلِ الْكَحَّالِ، فَعَلَيْهِ أَجْرُ عَمَلِهِ، فَإِنْ فَسَخَ الْكَحَّالُ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ؛ فَثَبَتَ فِيهَا مَا ذَكَرْنَاهُ.
[فَصْلٌ اسْتَأْجَرَ طَبِيبًا لِيُدَاوِيه]
(٤٣٠٠) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ طَبِيبًا لِيُدَاوِيَهُ. وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْكَحَّالِ، سَوَاءً، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الدَّوَاءِ عَلَى الطَّبِيبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا جَازَ فِي الْكَحَّالِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَجَرْيِ الْعَادَةِ بِهِ، فَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْمَعْنَى هَاهُنَا، فَثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْل اسْتَأْجَرَ مِنْ يَقْلَعُ ضِرْسَهُ]
(٤٣٠١) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ يَقْلَعُ ضِرْسَهُ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ مَقْصُودَةٌ، فَجَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى فِعْلِهَا، كَالْخِتَانِ. فَإِنْ أَخْطَأَ فَقَلَعَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِقَلْعِهِ، ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَتِهِ. وَإِنْ بَرَأَ الضِّرْسُ قَبْلَ قَلْعِهِ، انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ قَلْعَهُ لَا يَجُوزُ. وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ، لَكِنْ امْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ قَلْعِهِ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ جُزْءٍ مِنْ الْآدَمِيِّ مُحَرَّمٌ فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ إذَا صَارَ بَقَاؤُهُ ضَرَرًا، وَذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى كُلِّ إنْسَانٍ فِي نَفْسِهِ، إذَا كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَصَاحِبُ الضِّرْسِ أَعْلَمُ بِمَضَرَّتِهِ، وَمَنْفَعَتِهِ، وَقَدْرِ أَلَمِهِ.
[فَصْلٌ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ]
(٤٣٠٢) فَصْلٌ: وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، كَخِيَاطَةٍ، أَوْ بِنَاءٍ أَوْ قَلْعِ ضِرْسٍ، فَبَذَلَ الْأَجِيرُ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute