وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ أَبٌ، فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَارِثِهِ. فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثَانِ، فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ، فَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ مِنْهُ؛ فَإِذَا كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ، فَعَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي عَلَى الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُمَا يَرِثَانِهِ كَذَلِكَ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّفَقَةُ كُلُّهَا عَلَى الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَرِدَ بِالتَّعْصِيبِ، فَأَشْبَهَ الْأَبَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْعَصَبَاتِ خَاصَّةً.
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] وَالْأُمُّ وَارِثَةٌ، فَكَانَ عَلَيْهَا بِالنَّصِّ، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُسْتَحَقُّ بِالنَّسَبِ، فَلَمْ يَخْتَصَّ بِهِ الْجَدُّ دُونَ الْأُمِّ كَالْوِرَاثَةِ.
[فَصْلٌ اجْتَمَعَ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا]
(٦٤٩٨) فَصْلٌ: وَإِنْ اجْتَمَعَ ابْنٌ وَبِنْتٌ، فَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، كَالْمِيرَاثِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقُرْبِ. وَإِنْ كَانَ أُمٌّ وَابْنٌ، فَعَلَى الْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي عَلَى الِابْنِ. وَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ، فَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: النَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ: النَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ الْعَصْبَةُ. وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أُمٌّ وَبِنْتٌ، فَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا؛ لِأَنَّهُمَا يَرِثَانِهِ كَذَلِكَ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ عَصَبَةً مَعَ أَخِيهَا. وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ بِنْتٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: النَّفَقَةُ عَلَى ابْنِ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرٌ. وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] . فَرَتَّبَ النَّفَقَةَ عَلَى الْإِرْثِ، فَيَجِبُ أَنْ تَتَرَتَّبَ فِي الْمِقْدَارِ عَلَيْهِ، وَإِيجَابُهَا عَلَى ابْنِ الْبِنْتِ يُخَالِفُ النَّصَّ وَالْمَعْنَى، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعَصَبَةٍ وَلَا وَارِثٍ، فَلَا مَعْنَى لِإِيجَابِهَا عَلَيْهِ دُونَ الْبِنْتِ الْوَارِثَةِ.
[مَسْأَلَةٌ كَانَتْ جَدَّةً وَأَخًا فَمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ النَّفَقَةِ]
(٦٤٩٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ كَانَتْ جَدَّةً وَأَخًا، فَعَلَى الْجَدَّةِ سُدُسُ النَّفَقَةِ وَالْبَاقِي عَلَى الْأَخِ، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى حِسَابُ النَّفَقَات) يَعْنِي أَنَّ تَرْتِيبَ النَّفَقَاتِ عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ، فَكَمَا أَنَّ لِلْجَدَّةِ هَاهُنَا سُدُسَ الْمِيرَاثِ، فَعَلَيْهَا سُدُسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute