يُوجِبُ التَّحْرِيمَ، فَاسْتَوَى فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ كَالْجِمَاعِ. وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ لَمْسِهَا لَهُ، وَقُبْلَتِهَا إيَّاهُ لَشَهْوَةٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَا.
[فَصْلٌ الْخَلْوَةُ بِالْمَرْأَةِ]
(٥٣٦٣) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْخَلْوَةُ بِالْمَرْأَةِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَنْشُرُ حُرْمَةً. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: إذَا خَلَا بِالْمَرْأَةِ، وَجَبَ الصَّدَاقُ وَالْعِدَّةُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا وَابْنَتَهَا. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ مَعَ الْخَلْوَةِ مُبَاشَرَةٌ، فَيُخَرَّجُ كَلَامُهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا، فَأَمَّا مَعَ خَلْوَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالِفَةِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٣] . وَقَوْلُهُ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] .
وَأَمَّا الْخَلْوَةُ بِأَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ أَمَتِهِ، فَلَا تَنْشُرُ تَحْرِيمًا. لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا. وَكُلُّ مَنْ حُرِّمَ نِكَاحُهَا حُرِّمَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حُرِّمَ الْعَقْدُ الْمُرَادُ لِلْوَطْءِ، فَالْوَطْءُ أَوْلَى.
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، فَسَدَ. وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ، فَالْأُولَى زَوْجَتُهُ، وَالْقَوْلُ فِيهِمَا الْقَوْلُ فِي الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَالْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْن الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا، أَوْ عَمَّتِهَا، أَوْ خَالَتِهَا، مُحَرَّمٌ. فَمَتَى جَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَعَقَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ فِيهِمَا، وَلَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَيَبْطُلُ فِيهِمَا، كَمَا لَوْ زُوِّجَتْ الْمَرْأَةُ لِرَجُلَيْنِ. وَهَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ خَمْسًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لِذَلِكَ.
وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ، فَنِكَاحُ الْأُولَى صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا جَمْعَ فِيهِ، وَنِكَاحُ الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ يَحْصُلُ بِهِ، فَبِالْعَقْدِ عَلَى الْأُولَى تُحَرَّمُ الثَّانِيَةُ، وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ عَلَيْهَا حَتَّى تَبِينَ الْأُولَى مِنْهُ، وَيَزُولَ نِكَاحُهَا وَعِدَّتُهَا. (٥٣٦٥) فَصْلٌ: فَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ، وَلَمْ يَدْرِ أُولَاهُمَا، فَعَلَيْهِ فُرْقَتُهُمَا مَعًا. قَالَ أَحْمَدُ، فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ، لَا يَدْرِي أَيَّتَهمَا تَزَوَّجَ أَوَّلًا: نُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا. وَذَلِكَ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ، وَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، وَلَا نَعْرِفُ الْمُحَلَّلَةَ لَهُ، فَقَدْ اشْتَبَهَتَا عَلَيْهِ، وَنِكَاحُ إحْدَاهُمَا صَحِيحٌ، وَلَا تُتَيَقَّنُ بَيْنُونَتُهَا مِنْهُ إلَّا بِطَلَاقِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ فَسْخِ نِكَاحِهِمَا، فَوَجَبَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ، وَلَمْ يُعْرَفْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا.
وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُفَارِقَ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ يُجَدِّدَ عَقْدَ الْأُخْرَى وَيُمْسِكَهَا، فَلَا بَأْسَ، وَسَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ بِقُرْعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ، وَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ لَا يَكُونَ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى إحْدَاهُمَا فِي الْحَالِ بَعْدَ فِرَاقِ الْأُخْرَى. الثَّانِي، إذَا دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا، فَإِنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا، فَارَقَ الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا بِطَلْقَةٍ، ثُمَّ تَرَكَ الْمُصَابَةَ حَتَّى تَنْقَضِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute